Monday, May 29, 2017

إزدراء الأديان تهمة من لا تهمة له - هبه حافظ

إزدراء الأديان والزندقة تهمة من لا تهمة له ..
 إزدراء الأديان  أو الزندقة أعلم أن المعني مختلف ولكنني بصدد التعرض لأسباب وملابسات ما بعد رمي هذه التهمة ،الزندقة كانت تطلق علي من يؤمن بالديانه المانوية ويعتقد في عبادة النور والظلام ، ثم تطورت وأصبحت تهمة تلاحق كل مختلف فكرياً عن كل ما هو سائد في المجتمع ، فرُمي بها علماء أتوا بعلم لم يستطع مغلقو العقول علي فهمهم  فحاربوهم ورموهم بها ، أو أستخدمت كتهمة للتنكيل بالمتخاصمين سياسياً أو علمياً .
فنذكر منها في تاريخنا الأسلامي الحافل برمي هذه التهم الطبيب والفيلسوف ابو الوليد بن رشد  . كان ابن رشد قربه من ولاة الامر سبب في جعله مثاراَ لحسد اقرانه , فقد سعي به هؤلاء عند الخليفة المنصورالموحدي  واخذوا بعض تلاخيصه التي كتبها شارحا بعض رموز الفلسفه القديمة , واخذوا بعض اوراقه تأولوها خروجا عن ما عرف من الدين , ورفعوا هذه الاوراق الي الخليفه بعد ان اتي الي قرطبه بعد معركة الارك , فأمر بعقد جلسه حضرها الرؤساء والاعيان وأُتي بابن رشد واعطاه الخليفه المنصور الاوراق وقال له : أخطك هذا , فأنكر ابن رشد فقال الخليفه :لعن الله كاتب هذا الخط وأمر بلعنه , وليس الاشتغال بالفلسفه هو كل ما أتُهم به ابن رشد بل أتُهم بأنه كذب صريح القرأن الكريم وأتهم بالزندقه والخروج من الدين .
ولقد كان هناك عداء واضح بين فقهاء المالكيه  في الأندلس وخاصة يحيي بن يحيي الليثي وعبد الملك بن حبيب وبين الشاعر والفيلسوف والمنجم يحيي الغزال ، حيث أنه كان كثير التعرض لهم في أشعاره ،والأستخفاف بهم ، والطعن عليهم في أشعاره ومرسل كلامه ، فأستغلوا ميوله الفلسفيه وأتهموه بعدم الإيمان بالله والطعن في الذات الألهيه والزندقة  ، وسعوا به عند القضاه ، وكانت سوف تنفذ عقوبة شديدة بحقه ، ولكن هناك من تشفع له عند القاضي ، فأستغل هنا الفقهاء مكانتهم في الدولة للتنكيل بيحيي الغزال .
وكان فقهاء المالكيه ذو نفوذ كبير خاصة في عهد الامير علي بن يوسف بن تاشفين أمير المرابطين فقاموا بالأيعاز لامير المؤمنين علي بن يوسف لحرق كتاب احياء علوم الدين للامام الغزالي لما يتضمنه من مسائل فلسفيه وكلاميه وكره المالكيه لهذه العلوم فطلبوا من الامير حرق هذا الكتاب لما يحمله من افكار . وكان هذا السبب الظاهري , فلقد كانت هناك اسباب خفيه تتعلق بهؤلاء العلماء الذين طالبو بالحرق , فلقد كان هذا الكتاب ينتقد وبشده علاقه الائمة والفقهاء بالسلطة واستخدامهم الدين وسيله لتحقيق ألاطماع الدنيويه كالثراء والجاه , فلقد وصفهم الامام الغزالي بعلماء السوء الذين يطلبون الدنيا بعلمهم فأقل درجات العالم ان يعي حقارة الدنيا وعظم الاخرة ودوامها , والبعد عن الترف والتشبه بالسلف الصالح .
ولقد تعرض لهذه التهمة أيضاً الشيخ محي الدين الطائي الحاتمي الشهير بابن عربي شيخ المتصوفة فبعد أن جاء ابن عربي الي مصر عام 603 هـ , وعاش في القاهرة مع جماعة من الصوفيه , وذاع صيتهم في مصر ووصل الي مجموعه من الفقهاء الغيوريين علي السنه واتهمه هؤلاء الفقهاء بالمروق عن الدين والزندقة , واتهمهم بن عربي بالجهل وسوء الاخلاق , فسعوا به الي الملك العادل لإراقه دمه , فتشفع له الشيخ ابي الحسن البجائي وفسر له مذهب بن عربي في الوحدة والوجود تفسيرا مبسطا فأمر بإطلاق سراحه .

إذا توقفنا هنا قليلاً ناظرين للنماذج المختلفة نستنبط شئ شديد الخطورة ، وهو كما تري في النماذج السابقة تدخل رجال الدين في السياسة ومحاولة تكميم كل فكر جديد ، أو عدم التعرض لمكانتهم في الدولة ومحاربة كل من يقوم بذلك بشتي الطرق المستقيمة كانت أو الملتوية .     محاولة كل عالم دين المحافظة علي الكهنوت الخاص به وعدم التطاول عليه من العامة معتقداً أنه الوسيط بين العامة والله سبحانه وتعالي وبدونه لن يستطيع الإنسان أن يفهم دينه . 
أما في الشرق حيث مجد الدولة العباسية فكانت هذه التهمة تطلق علي كل من يتشبه بالفرس في حياتهم ومعتقاداتهم الدينية ، فبعد أن قامت الدولة العباسية علي أكتاف الفرس ولولا مساعدتهم لما قامت ، وبعد أن تخلص الخليفة أبو جعفر المنصور من أبو سلمة الخلال وأبو مسلم الخراساني وهما كانت لهم شعبية جارفة لدي الفرس ظهرت حركات دينية عديدة تطالب بالقصاص لدم أبو مسلم الخراساني ، وظلت هذه الحركات في خراسان طوال عهد الخليفة أبو جعفر المنصور ، وظلت في عهد أبنه الخليفة المهدي العباسي حتي قام بعمل ديوان أسماه ديوان الزندقة ، كانت تطارد كل من يعتقد في الديانة الزرادشتية . وأستغل بعض كبار الدولة تشدد المهدي في التنكيل بالزنادقة بالتخلص من بعض الخصوم السياسيين فلقد وشي الربيع ابن يونس  ـ حاجب الخليفة المهدي ـ الي الخليفة عن عبد الله بن ابي عبيد الله وذلك لمنافسته ووالده , وأشار علي الخليفه ان يقتل ابي عبيد الله ابنه فخارت قواه وهنا تدخل العباس بن محمد وطلب ان يتولي غير ابي عبيد الله هذه المهمة الذي بدوره عنف ولده قائلا "ما بهذا أدبتك ، وقد علمتك كتاب الله عز وجل " فأمرالخليفه حارسه عبد الله بن ابي العباس الطوسي ان يقتل عبد الله ابن ابي عبيد الله ,وعندما هَمّ بقتله عرض التوبه علي الخليفة ولكنه رفض طلبه وتم قتله . ومن اشهر من اتهموا بالزندقة هو الكاتب عبد الله بن المقفع الذي ترجم العديد من امهات الكتب الفارسيه الي العربيه مثل كليلة ودمنه ، والذي قال فيه الخليفة المهدي إنه لم يري مطلقاً كتاب زندقة إلا ويرجع إلي بن المقفع ، فأُتهم أنه زنديق مُفسد للناس . فقُتل ابن المقفع ومُثّل بجثته .
ولم ينجو من هذه التهمة علماء الحضارة الإسلامية فأتهموا بالزندقة أمثال جابر بن حيان ، وبن سينا ، وبن الهيثم ، والفارابي ، وأبو بكر الرازي . وأمتدت أيضاً للشعراء أمثال أبو العلاء المعري وكل من أشتغل بالفلسفة كانت تصاحبه تهمة الزندقة من الأسلامين الأصولين ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل أمتد إلي المتصوفة والمعتزلة وأصحاب المذاهب الكلامية .
ومع أمتداد هذا الخط المتطرف نصل إلي محاولة أغتيال نجيب محفوظ في عصرنا الحديث ، وأغتيال فرج فودة علي أيدي أسلامين متشددين .

كتب التراث الإسلامي بها الكثير من تكفير هؤلاء العلماء وإهدار دمائهم ، وأعتبارهم خارجين عن الدين ، ومن رأيي أن هذا ناتج عن عجز لديهم في الرد علي أصحاب الأراء المخالفه فالأسهل هو رميهم بالكفر والإلحاد . فإذا أستطاعوا الرد ودحر مذهبهم لما أضطروا إلي اللجوء إلي العنف ، فالفكر يرد بالفكر ، القلم يواجهه قلم ، فكما كتب الأمام الغزالي صاحب الإحياء كتاب " تهافت الفلاسفة " فقام بن رشد بالرد عليه بكتاب " تهافت التهافت " أري من وجة نظري أن هذه الطريقة المثلي للتعامل مع المختلفين فكرياً وهو الرد دون تجريح شخصي وداخل الإطار الموضوعي للنقد . 

Thursday, May 25, 2017

في نشأة الدواوين في العصر العباسي الأول - نورهان إبراهيم سلامة

تمهيد : تعريفها لغة وإصطلاحاً : كلمة الديوان كلمة فارسية بمعني السجل الذي يكتب فيه كل ما يخص شؤون الإدارة  وحفظ ما يتعلق بحقوق السلطة من  الأعمال والأموال ومن يقوم بها من الجيوش والعمال (2) ( حمدي ), ثم أصبحت تدل على المكان الذي فيه الكتاب على إختلاف مهامهم (1) ( سالم )  ,I,  [جهشياري   ص 13
ويتضح لنا عمل الديوان بأنه يوجب القيام على أعمال الجبايات وحفظ حقوق الدولة في الدخل والخرج والإحصاء للعساكر وأسماؤهم وتقدير أرزاقهم وصرف أعطياتهم في وقتها وكل ذلك يعود إلى قوانين الدولة وحكامها وكل هذا المعلومات تكون مدونة في كتاب يسجلها يقوم به أناس مهرة مختصون بذلك ( حمدي ابن خلدون ص 158 )
نشأتها في عهد عمر بن الخطاب  :
يعتبر الخليفة عمرو بن الخطاب هو أول من وضع الدواووين وذلك بهدف ضبط دخل ونفقات الدولة  , ويعود سبب تدوينه للدواوين أن أبي هريرة قدم إليه ومعه مبلغ من المال ما يقارب 500 ألف درهم فكان حينها مبلغا ضخماً ودهش عمربن الخطاب لضخامته وسأل أبي هريرة بدهشة  أتدري ما تقول ؟ (أي عن قيمة المبلغ  ) فقال : نعم مائة ألف درهم ومائة ألف درهم ومائة ألف درهم ومائة ألف درهم ومائة ألف درهم  , فقال عمر : أطيب هو ؟ ( أي مصدره حلال ؟ ) قال : لا أدري فصعد عمر رضي الله عنه إلى المنبر ونادي في الناس بعد حمده وثنائه على الله قال : أيها الناس قد جائنا مال كثير فإن شئتم كلناه كيلاً وإن شئتم أن نعده عداً فقام إليه رجل وأشار إليه بأن يدونه كما دونه الفرس فقال عمر دونوا الدواوين , وقيل أن عمر كان بالمدينة  فأشار إليه أحد مزاربة الفرس لما رئاه من حيرة عمرو رضي الله عنه فقال له عما يتبعه الفرس من تدوين دخلهم وخراجهم  فقال له عمر صفه لي فوصفه المزبان له فدون الدواوين وفرض العطاء . ودون عمر بن الخطاب الدواوين في المحرم سنة 20 هـ (2)- حمدي –
الفئات التي كانت تخصص لهم الدواوين في عهد عمر رضي الله عنه  :
كان عمر يوزع الدواوين بدأ من بني هاشم في الدعوة , ثم الأقرب فالأقرب برسول الله صلي الله عليه وسلم فأن وجد بعضهم متساوي في القرابة أخد بالأسبق ثم انتهي بالأنصار (2)  
  .

الدواوين في العصر الأموي
ويلاحظ أن عصر الدولة الأموية انتهج نهج عمر بن الخطاب في تدوين الدواوين ,  فنجد أن معاوية بن أبي سفيان أبقي على نظام حكم الدولة الإسلامية الذي وضعه عمر فأبقي في دواوين الشام الكتاب النصاري من أهل البلاد لكثرتهم وكانت تكتب باليونانية وترك العملة السائدة التي تحمل شكل الصليب , وأوجد معاوية ديوان الخاتم لكي يشرف على إدارة الدولة , وأستمر ديوان الخاتم فيي عصر بني العباس أيضاً . وكان عمله أنه ينقذ كتب الخليفة والختم عليها بعلامته . وينسب إلى معاوية إبتكار نظام البريد وذلك لتسرع إليه أخبار البلاد من جميع الأطراف وكل ما هو جديد من أحوالها فكان يضع خيول مضمرات فإذا وصل الفارس متعبة خيله تركها وركب غيرها ليكمل مسيرته , وإن لم يكن هناك دابة متوفرة أو مجهزة كانو يتعاملون بنظام السخرة . وأخذ هذا النظام شكله النهائي في عهد عبدالملك وأستخدم الحمام الزاجل الذي عرف للعرب بجناح المسلمين . وطور الأمويين الدواوين التي كانت في عهد عمر منها ديوان الجند وديوان الخراج  3 ماجد ص 26-27 , واستحدثو دواوين أخري في عهدهم مثل ديوان الرسائل , وديوان الخاتم , و ديوان البريد , وديوان الصدقات الذي أستقل عن ديوان الخراج فضلاً عن ديوان الطراز وسوف نتناولهم بالتفصيل لاحقاً  4
3 – عبدالمنعم ماجد ص 27-26.
 3 ماجد , عبدالمنعم , التاريخ السياسي للدولة العربية عصر الخلفاء الأمويين , ط.8 , مكتبة الأنجلو المصرية , القاهرة , 1998م , ص 26- 27
 4 - العقيلي  , عمربن سليمان , تاريخ الدولة الأموية , ط.2 , سلسلة الأعمال العلمية المحكمة, الجمعية
                          التاريخة السعودية , المملكة العربية السعودية , الإصدار الأول 2006م ص 103 – 106   




التعريب في الدولة الأموية :
كان لتعريب الدواوين في الدولة الأموية أهمية كبيرة لاسيما بعد إتساع الدولة الإسلامية كون اللغة العربية اللغة الرسمية لها فكانت لابد وأن تكون هي السائدة فأمر عبدالملك بن مروان بتعريب النقود والدواوين فكانت قبل ذلك يدونها الروم والفرس وذلك نظراً لقلة من يتقنها من العرب , فأسند التعريب سليمان بن سعد الخشني كاتب الديوان بدمشق للبدء بحركة التعريب بالشام وذلك في العام 78هـ 697م أو 81هـ / 700 م وعندما نجح سليمان في هذا العمل الموكل إليه صرف سرجون الرومي  وفي العراق صالح السجستاني التميمي بتعريبه ديوان الخراج , وفي مصر عربت الدواوين فيها في عهد الوليد بن عبدالملك وفي بلاد المغرب حسان بن النعمان الغساني  وفي بلاد الأندلس موسي بن نصير اللخمي  وفي خراسان  إسحاق بن طليق النهشلي   4  العقيلي ص 108 – 110 غ7ـ









الدواوين في العصر العباسي
أصبح لموظفي الدواوين في العصر العباسي شأن كبير في الدولة و المسند والخشبة والوسادة وهي أدوات كانت تستخدم في الكتابة والجلوس في الديوان  


يرجع الفضل لتنظيم إدارة الدواووين في العصر العباسي الأول لخالد بن برمك فكانت يفترض  بالدواوين  أن تسجل في صحف فكان خالد أول من سجلها في دفاتر , وهو أول من أشار على السفاح بعد هزيمته لأبي مسلم الخراساني بأن يسقط من لم يكن من أهل خراسان من ديوان الجند فأسقط عددا كبيرا منهم , ولما تولي أبي جعفر المنصور صرف خالد بن برمك عن الديوان وقلده أبا أيوالمورياني , وإلى المهدي يرجع الفضل في إنشاء ديوان الزمام سنة 162  لجمع ضرائب العراق وهو أول من أحدث هذا الديوان  (1).
أنواعها :
ديوان الجند
ديوان الرسائل :
كانت مهمة صاحبة إذاعة المراسيم والمنشورات وتحرير الرسائل السياسية وختمها بهاتم الخليفة وذاد تعقد هذا الديوان في العصر العباسي عنه في العصر الأموي  وزاد تخصص ذلك الديوان لما يلائم إحتياجات العصر ومشاكله وزاد في عهد المنصور وقربه إلى قصره \ 1 سالم

ديوان الأزمة : هي دواوين صغيرة للإشراف على دواوين الدولة , ويرجح الطبري بأن أول من عمل ديوان الزمام هوعمر بن بزيغ في خلافة المهدي لأنه عندما جمعت له االدواوين تفكر فهو  لا يضبطها إلا بديوان يكون له على كل ديوان فأتخذ ديوان الأزمة وولى كل ديوان رجلاً وكان ذلك سنة 162هـ  , ( الدوري ص 97 )  ,أنشأ ديوان الأزمة سنة 168 وتعد هذه التنظيمات متماشية مع نظام الدولة العباسية مما ساندها للبقاء كقوة مركزية

حسن ابراهيم حسن
وكان من أهم دواوين الدولة العباسية ديوان الزمام حيث يعادل ديوان المحاسبة في يومنا هذا , وأنشأ هذا الديوان الخليفة المهدي وكانت مهمة صاحب هذا الديوان جمع ضرائب بلاد  العراق التي تعد أغني أقاليم الدولة العباسية , فضلاً عن تقديم حسابات لضرائب الأقاليم الآخري , ومن اختصاصه أيضاً جمع الضرائب النوعية المسماة بالمعاون كانت تجمع بزمام يكون له على كل ديوان , فيتخذ لكل ديوان رجلاً يوليه عليه .
ص 205

ديوان النفقات
ديوان البريد
أسباب تدهورها





الدواوين :
أدي تأثر العباسيون بالنظم الفارسية إلى توسعهم في مجال الدواووين (1) ص 295

1-                                   سالم ,  السيد عبدالعزيز , دراسات في تاريخ العرب العصر العباسي الأول , ج3 , مؤسسة شباب الجامعة , الإسكندرية , , د.ط ,  د.ت , ص 295 




ديوان الخراج :
كانت الدولة الإسلامية  تشتمل على أنواع مختلفة من الملكيات دون خطوط وحدود واضحة , فكان لابد من وجود ديوان يجمع تلك الملكية . وكان لإستخدامها شروط تعود إلي أصحابها ومراكزهم , لذلك كانت الأراضي تسجل في  ديوان الخراج المركزي في العاصمة فضلاً عن وجود ديوان خراج  لكل إقليم خاص به , وكان يقوم مقام خزانة الدولة ضمن الإقليم  , وكان القائم على ديوان الخراج يستوفي من أموال الخراج
وهذه الظاهرة الخاصة بالنظام الإداراي توضح لنا خصوصية كل إقليم وهذا يؤكد وجود نظام لا مركزي في الدولة . وكان ينقسم ديوان الخراج إلي مجالس وهي :
1 – مجلس الإنشاء والتحرير .
2 – مجلس النسخ .
3 – مجلس الإسكدار .
4 – مجلس الحساب .
5- مجلس الجهبذة .
مجلس الجيش .  ص 153
السامرائي , حسام الدين , المؤسسات الإدارية في الدولة العباسية , ط.2, مركز الإسكندرية للكتاب , الإسكندرية , 2004 , ص153 .
















مقدمة عن الدواوين في العصر العباسي من كتاب حسن ابراهيم حسن

كان النظام الإداراي في العصر العباسي الأول من حيث توزيعه للعمل يشبه نظام الدولة الحديثة , ومن أهم دواوين الدولة التي كانت تشبه الوزارات في الوقت الحاضر : ديوان الخراج , وديوان الدية, وديوان الزمام ,وديوان الجند , وديوان الموالي , وديوان الغلمان وتسجل فيه أسماء موالي الخليفة وعبيده , وديوان البريد , وديوان زمام النفقات , وديوان الرسائل وكانت مهنة صاحبه إذاعة المراسيم والبراءات وتحرير الرسائل السياسية وختمها بخاتم الخلافة , وديوان النظر في المظالم , وديوان الأحداث والشرطة , وديوان العطاء , وديوان الحوائج , وديوان الأحشام , وديوان المنح والمقاضاة , وديوان الأكرة للأشراف على الترع والجسور وشؤون الري . ص204-205
وأنشأ العباسيين أيضاً ديوان النظر أو المكاتبات والمراجعات , وينقسم إلى أربعة أقسام :
ديوان الجيش وفيه الإثبات والعطاء , وديوان الأعمال ويتولي الرسوم والحقوق , وديوان أخر للعمال وهو يختص بالتقليد والعزل , وديوان بيت المال وينظر في الدخل والخرج . وكانت هناك إدارة تنظر في شؤون غير المسلمين ويطلق على رئيسها : الجهباز .
ويتضح لنا أن الدولة لم تكن تتدخل في شؤون الجماعات إلا بمقدار وكانت كل بلدة وقرية تدير شؤونها الخاصة بها أي لم تكن هناك مركزية في هذا الأمر من الحكم , ونجد أن تدخل الحكومة يكون فقط في نشوف خلافات وفتن وإمتناع عن دفع الضرائب فضلاً عن مراقبتها الفعالة على جميع الشؤون الخاصة والمتصلة بالزراعة والري وبناء القنوات وترميمها . ص 205

من كتاب د حسن ابراهيم حسن   
حسن , إبراهيم حسن , تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماعي العصر العباسي الأول , د.ط , مكتبة النهضة المصرية , القاهرة , ج 2, د.ت , ص    ( أتأكد من التاريخ والطبعة )







ديوان البريد :
   إن عدنا لنشأة ديوان البريد نجد أنه نشأ في عهد الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان حيث أتسع نطاق الدولة وكان لابد من نقل الرسائل في أقصي سرعة وذلك لتسهيل الأتصال السريع بين الخليفة وبين عمال الأقاليم . ولفظة البريد نجدها مشتقة المصدر برد أو أبرد وهي بمعني أرسل البريد أي أرسل الرسل على دواب البريد وبعضهم يرجها للأصل الفارسي من كلمة بريدة دم أي بمعني مقصوص الذنب وذلك , لأن الفرس كانوا يقصون ذنب بغل البريد ليميزوه عن البغال الأخري . وأنتقلت كلمة البريد العربية إلي اللاتينية وكان للبريد فروعه في حواضر الولايات والمدن الكبري وأنتهج معاوية نهج الفرس والبيزنطيين في شأن ديوان البريد , فكان صاحب البريد ناقلاً بارعاً للأخبار وهو عين الخليفة على ولاته ومراقب لكل صغيرة وكبيرة  . (حسين , حمدي عبدالمنعم محمد , الحضارة الإسلامية , ط.1 , دار المعرفة الجامعية , الإسكندرية , 2012, ص 191 . )
  كان للبريد شأن كبير في الدولة العباسية  لما له من أهمية في الربط بين أرجائها داخلياً وخارجياً ,, فكان ديوان بريد كبير يوجد ببغداد له محطات ممتدة على طول الطريق , فضلاً عن إستخدامهم للنقل الجوي عن طريق الحمام الزاجل وأستمر ذلك حتي عهد الخليفة المعتصم , وساعد التجار في التنقل خلال أسفارهم تلك المعالم التي وضعتها الدولة , فضلاً عن كونها أساساً للبحوث الجغرافية , وكان البريد خاصاً فقط بأمور الدولة لا برسائل الجمهور  , إذاً هي مصلحة من مصالح الدولة الحكومية وكان صاحب البريد يراقب العمال , ويتجسس على الأعداء ويقوم بالأعمال التي يقوم بها رئيس قلم المخابرات التي يقوم بها الآن في وزارة الدفاع , وكانت مهمة صاحب البريد الأولي هي إيصال الرسائل المحملة بالأخبارللخليفة من عماله في الأقاليم , ثم توسع شأن صاحب البريد وأصبح عيناً للخليفة ينقل له أخبار ولاته كما ينقل أوامره لهم .
ونجد الخليفة أبي جعفر المنصور عينه ساهرة  لا تنام عن عماله وما يأتو به من خير ومن شر وكان يأتي إليه أي تقصير من ولاته ويوبخهم ونجد مثال على ذلك يذكر الطبري ( ج 9 ص 314 )  أن عامل البريد المسؤول عن واليه  في حضر موت أنه يكثر الخروج  لطلب الصيد فكتب إلى هذا الوالي ووبخه وعنفع عنفاً شديداً من خلال بعض الكلمات مثل ويحك , ثكلتلك أمك , أهذا ما أئتمنتك عليه ! .. . وبالتي يتضح لنا أن المنصور أستخدم عماله في البريد ليكونوا عيوناً له , على الإشراف على أمور دولته , ومن خلالهم كان يقف على عمل ولاته ومايصدر من القضاة من أحكام وكل مايرد لبيت المال من أموال فضلاً عن كون عماله على البريد يمدونه بكل ما يخص أسعار الطعام والقمح والحبوب .  وكان يحدث ذالك مرتين في اليوم يبلغوه ما حدث في النهار وماحدث في الليل لذاك كان المنصور شديد التعلق بأمور ولاته وكان يقاضي قضاته إذا ظلم أحدهم أحد , ويرجع السعر إلي حالته إذا غلا-( حسن ابراهيم حسن ص 306-307) - , وفي عهد الخليفة المهدي نجد زيادة لأهمية البريد , حيث قام ببناء محطات للبريد بين المدينة المنورة ومكة المكرمة وبلاد اليمن ولم يكن هناك محطات للبريد من قبل , أما عن الخليفة هارون الرشيد فأهتم به  من خلال تحسيناته في مهام صاحب البريد كما فعل أبي جعفر المنصور  الذي جعل صاحب البريد عيناً له على ولاته في الأقاليم  ( حمدي ص 193 )
 ونجد الدوري يختلف في الرآي حيث يري أن أمور البريد في عهد الرشيد كانت مهملة وذلك يعود إلى أنه أعتمد في إدارة شؤون حكمه على زوجته زبيدة ووالدته الخيزران وكان تاركاً أمر البريد والأخبار فضلاً عن الخرائط  إلى خادمه مسروراً ( الدوري ص 137 ) , وترجح الباحثة الآراء الآخري في إهتمام هارون بالبريد لأنه جعل من صاحب البريد عيناً له على ولاته كما سلف ذكره ,  وقد يكون التقصير الذي قصده الدوري خاص بالفترة الأولي من حكم الرشيد لأنه اعتمد بالفعل على البرامكة وزوجته ووالدته إلى أن قضي على البرامكة, وتقلد شؤون حكمه بنفسه  وهي كفترة زمنية أطول من فترة تدخلهم في حكمه فجانب الإهتمام في أمر البريد يغلب هنا على جانب الإهمال
  ولعب البريد دوراً مهما ً لاسيما في الصراع بين الأمين والمأمون فلما علم المأمون أن أخيه الأمين يسعي لخلعه قطع عنه البريد حتي لا تصل إليه أخبار المأمون في خراسان ( حمدي ص 193 ) .
 ويتضح لنا أن  الخليفة في العصر العباسي الأول هو الذي يعين صاحب ديوان البريد في العاصمة , ولم يكن منصب سهل المنال بل كانت هناك شروط ليشغلها صاحبه من كفائة وسعة وإطلاع فلم يقتصؤ عمله كما سبقنا بالذكر على إيصال وإستلام الرسائل بل كان عيناً للخليفة على ولاته وقضاته , أي كان يتولي الأشراف على جميع سلطات الخليفة في الأقاليم  , لذلك يمكن أعتباره اليد اليمني للخليفة العباسي , وكان يحتوي ديوان البريد على جملة من المجالس الخاصة  بالإنشاء والتحرير والنسخ والاسكدار وهذا كان يساعده على تمشية أعماله فضلاً عن مجالس خاصة بالسكك والطرق المختلفة التي كانت منتشرة في أنحاء الدولة لذلك كان يعود إليه الخليفة في عدة  أمور مختلفة في أخباره عن الجيش لإنقاذه إذا تحتم الأمر  أو عن اعداؤه أو عن تقصير ولاته , وكل ما يحتاج إليه عند سفره   ( 209 ) السامرئي , حسام الدين , المؤسسات الإدارية في الدولة العباسية , ط. 2 , مركز الإسكندرية للكتاب , الإسكندرية  - التاريخ ,  ص 209  
















ديوان الرسائل :
كانت مهمة صاحبه إذاعة المراسيم والمنشورات وتحرير الرسائل السياسية وختمها بخاتم الخلافة , وتعقد أمر هذا  الديوان في الخلافة العباسية عنه في الخلافة الأموية وتعددت إختصاصاته وكثر عدد العاملون به وذلك حتي يكون ملائماً لسياسة الخلافة العباسية ومواجهة خلافتها وأستقرت دعائم هذا الديوان أيام المنصور وجعله قريباً من قصره في بغداد , وتعرض هذا الديوان لتطور كبير في العهود التالية وأصبحت الرسائل تفصل وتصنف فتلك التي تأتي للخليفة هي خاصة بالدولة وكان يشرف عليها الوزراء إشرافاً مباشراً , وأصبحت لصاحب هذا الديوان مكانة كبيرة عند لخليفة وذلك بحكم قربه وملازمته له .
وكان يعمل بديوان الرسائل موظفون تعددت مهامهم فكان منهم رؤوساء يقومون بالإنشاء , وكتابة الردود والتوقيعات واخرون يساعدوهم في التخليص والتبييض , وأصبح بالتالي لهذا الديوان محفوظات يشرف عليها الخازن , فكانت تنظم في ملفات الرسائل الأصلية والنسخ الواردة منها وكانت توضع عليها بطاقات تدل على محتوياتها ليسهل الرجوع إليها وإستخدامها  عند الضرورة , وكان الكاتب يصدر السجلات من الديوان ويكتب في أخرها أسمه ثم يختم عليها بخاتم الخليفة , وهو عبارة عن طابع منقوش فيه أسم الخليفة أوشارته يغمس في طين أحمر مذاب بالماء يسمي طين الختم ويطبع به على طرف السجل عند طيه وإلصاقه , ومن ثم عرف التوقيع الخلافي في العصر العباسي بالعلامة  . ص 265 – 266 .
السيد عبد العزيز سالم , دراسات في تاريخ العرب 3 العصر العباسي الأول , مؤسسة شباب الجامعة , الإسكندرية , د.ت , ص 265- 266
 كان لديوان الرسائل دوراً مهماً في إدارة الدولة الإسلامية , ويرجع أصل هذا الديوان إلى وظيفة الكاتب الذي كان يقوم بكتابة الرسائل للخلفاء والولاة أستحدث هذا الديوان في عهد معاوية بن أبي سفيان , وأستمد الديوان تقاليده من الأسس التي وضعها الكتاب الذين تولو تحرير الرسائل في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم , وكانت مهمة صاحب ديوان الرسائل زمن الرسول - صلي الله عليه وسلم - الإشراف على الرسائل الواردة من الولايات الإسلامية أو تلك التي تكون موجهة من الخليفة إلى عماله فضلاً عن إذاعة المراسيم والمنشورات وتحرير االرسائل السياسية وختمها بخاتم الخلافة , وكان القائم بهذا العمل يتم اختياره من الأشراف من أهل الخليفة أو من عظماء القبيلة وذلك ضماناً لأمانتهم وحفظهم للأسرار . وكان هناك أيضاً رؤوساء كتاب .  
  





زادت المكاتبات الرسمية في العصر العباسي خاصة تلك التي تخص المكاتبات الرسمية بين الدول الأجنبية مما أدي إلي تطويره وتنظيمه . وفي بادئ الأمر كان يوكل الإشراف على الديوان للوزير مباشرة ولكن تغير الأمر نظراً إلى زيادة وتضخم أعمال الديوان من جهة و زيادة أعباء الوزير من جهة أخرى , وكان الديوان ينفصل أحياناً عن الوزير لينفرد به رئيساً خاص , وفي اوائل العصر العباسي  كان الديوان يعرف بأسم ديوان الرسائل أو المكاتبات وبالتالي نجد ان صاحبه يسمي بمتولي ديوان الرسائل أو المكاتبات ثم أطلق عليه بعد ذلك ديوان الإنشاء فكان صاحبه يسمي ويلقب بصاحب أو رئيس ديوان الإنشاء ( حمدي ص 161 ) ونجد في بعض المراجع أن ديوان الإنشاء هو أول ديوان أنشأ في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم وكان المقصود به  رسائله للملوك لنشر الإسلام  . حسام الدين السامرائي , المؤسسات الإدارية في الدولة العباسية,ط2 , مركزالإسكندرية للكتاب , الإسكندرية , 215  ,  2004,



ونجد في عهد الخليفة المأمون كان يوكل أمر الخلافة إلى وزرائه وأعوانهم أو كتابهم فنجدالعلامة  الجهشياري يذكر في كتابه الكتاب والوزراء " أن مسعدة كان مولى خالد بن عبدالله القسري وأنه كان يكتب لخالد , وكان بليغاً كاتباً مات في سنة 214 , وقيل في سنة سبع في أيام المأمون , وكان مسعدة من كتاب خالد بن برمك , ثم كتب بعده لأبي أيوب وزير المنصور على ديوان الرسائل " .
  
الجهشياري ت 331هـ ,محمد بن عبدوس , نصوص ضائعة من كتاب  الوزراء والكتاب, علق عليها ميخائيل عواد , دار الكتاب اللبناني , بيروت , 1964,ص53 . 
ديوان الخاتم :
وجد هذا الديوان ليمنع أي خطأ أو تزوير يحدث في الكتب المهمة التي كانت تصدر عن الخليفة وكانت تحتاج أن تختم بختم الخليفة وذلك لما لهذا الخاتم من الأهمية غير متوفرة لغيره , وهذا النظام تم أقتباسه من الفرس , وكان يمر الكتاب أو الرسالة المراد ختمها بعدة دواوين ذات علاقه بها , حيث كانت تقابل فيها بما كان مثبتاً في سجلاتها أو نسخها الخاصة وكان يعاد إلى ديوان الخاتم النسخة الأصلية إلى المحل الذي وجهت إليه .
وكان من يتولي ديوان الخاتم منفرداً بعمله حتي 296 هـ / 908م عندما تولي أبو الحسن علي بن محمد الفرات وزارته الأولى , فعرض على ابن مقلة اختيار منصب له فلم يجد ما يصلح له أن يتقلده إلا ديواني الفض والخاتم فاختارهما , وبذلك توحدت إدارة ديوان الخاتم مع ديوان الفض  وعهد بهما إلى رجل واحد كان يتسلم لقاء ذلك راتباً شهرياً قدره أربعمائة دينار , واستمر توحيد هذين الديوانين بعد ذلك ففي سنة 315هـ/ 927م قلد علي بن عيسي رئاستهما إلى أحد الكتاب .

حسام الدين السامرائي , المؤسسات الإدارية في الدولة العباسية,ط2 , مركزالإسكندرية للكتاب , الإسكندرية 2004,  ص 223,

كانت مهمة صاحب ديوان الخاتم هي حزم الأوامر الخلافية والرسائل وختمها بالشمع ثم الضغط عليها بخاتم صاحب الديوان حتي لا تتعرض للتزوير ص السيد عبد العزيز سالم , دراسات في تاريخ العرب 3 العصر العباسي الأول , مؤسسة شباب الجامعة , الإسكندرية , د.ت , ص267

ديوان الزمام أو الأزمة :
أستحدث هذا الديوان في خلافة المهدي وذلك سنة 162 , وتقلد عمر بن بزيغ دواوين الأزمة (1), ولما ساء حال عمر سنة 168 قلد المهدي علي بن يقطين زماماً على الأزمة . أما في عهد الهادي فقد ولي الربيع بن يونس على ديوان الأزمة إلى أن توفي الربيع  في سنة 169 , فقلد الهادي إبراهيم بن ذكوان الحراني هذا الديوان وظل إبراهيم متولياً أمر الديوان إلى أن نكبه الرشيد وعين مكانه أبا عبيد الله معاوية بن عبدالله وزير المهدي ولكنه أستعفي لكبر سنه . وكان من إختصاصات صاحب هذا الديوان مراجعة حسابات الدواوين فيما يتعلق بالوارد والنفقات 2)عبدالعزيز

الطبري, أبي جعفر محمد بن جرير , تاريخ الرسل والملوك, تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم , ط.3 , دار المعارف , القاهرة , د.ت , ج 8 ص, 143. عبدالعزيز سالم , ص269.







ديوان النفقات :
 كانت أكبر مهمات هذا الديوان هي القيام بنفقات دار الخلافة وحاجاتها ونفقات الدواوين المركزية فضلاً عن المصالح العامة في الجزء الشرقي من بغداد , ويعود إقتصار النفقات على ذلك إلى طبيعة النظام الإداري وكانت دواوين الخراج تقوم مقام ديوان النفقات فيها بالإضافة إلى جبايتها للخراج وبقية الضرائب , حيث كانت تستوفي من تلك الأموال النفقات الراتبة أو أعطيات الجند فيها ويرسل الباقي إلى العاصمة .
وقسم هذا الديوان إلى نفقات نظراً لتنوع الأعمال التي كانت تجري تحت إشراف صاحب الديوان :
مجلس الجاري : حيث يتم تتبع نفقات المرتزقة وذلك من خلال تصنيفهم بالأعمال الموكلة إليهم وتثبيت أوقات إستحقاقهم للراتب ويعتمد على ذلك على سجلات جرائد خاصة تهيأ لها الغرض , ويتضح لنا أن دفع العطاء في هذا المجلس كان يجري على فترات متفاوتة تبعاً لأصناف المرتزقة .
مجلس الإنزال :
كان هذا المجلس يشرف على محاسبة المتعهدين من التجار الذين كانو يقدمون إلى دار الخلافة الأرزاق العينية مثل الخبز واللحم والحلوى والفاكهة والشراب والطيب وحوائج الوضوء والحمام . فضلاً عن نفقات خزائن الكسوة والخلع والسلاح والجواشن والدروع وما كان من الفرش والخزائن والمطابخ والمخابز وأرزاق الطباخين والفراشين والجلساء والملهين والأطباء .
مجلس الكراع
تولى هذا المجلس شراء المواشي والإبل وما يستبدل منها وما يحتاج إلى العلف كالوحوش والطيور , وكسوتها وعلاجها  وآلاتها وأجور عمالها والبياطرة والوكلاء ص 179-   السامرائي 183

 حسام الدين السامرائي , المؤسسات الإدارية في الدولة العباسية,ط2 , مركزالإسكندرية للكتاب , الإسكندرية , 2004,
  

الدواووين العباسية

 ورث العباسيون هذا التراث عن الأمويين فطوروه حسب تطور ظروفهم، ويشير اليعقوبي أن العباسيين أضافوا ديوان (الأحشام) وهو على ما يبدو من اسمه أنه يعني بشؤون خدمة البلاط، هذا في عصر المنصور. كما أضاف المنصور ديوان (المصادرة) الذي ينظر بمن صودرت أموالهم. ويذكر الطبري أن ديوان (المصادرة) قد ألغي في عهد المهدي الذي يتصف عهده بالهدوء النسبي، ومع ذلك استحدث المهدي ديوان الزمان، وهو ديوان يعني بالأزمات وقد خصص لكل أزمة أو مشكلة ديوان يترأسه رجل مختص ومثقف في تلك الأزمة، وقد انتشر هذا النوع من الدواوين في كل الولايات. وقد سن المهدي يومي الخميس والجمعة عطلة أسبوعية لموظفي الدواوين (إدارات الدولة) وقد ألغى الخليفة العباسي يوم الخميس كعطلة واكتفى بيوم الجمعة.

وقد استحدث الرشيد ديوان (الصوافي) وهو يعني بأراضي الرشيد وهي أراضي الدولة الإسلامية وبصفته خليفة للمسلمين فهي أراضي تابعة له. كما استحدث ديوان (الضياع) وهي ضياع كثيرة منتشرة في كل أصقاع الدولة الإسلامية ومسجلة باسم الخليفة وأسرته*7

أما المأمون فقد أنشأ ديوان (الجهابذة) وهو ديوان يدقق بشؤون عمل الدواوين الأخرى، يجلس فيه أقوى الرياضيين (المحاسبين) ويتتبعوا الأموال من قبضها حتى صرفها. وهو يشبه هيئة التدقيق المالي في بعض الدول الراهنة.

أما المتوكل فأنشأ ديوان (الجند والشاكرية) وهو ديوان ينظم عمل الجند و(الشاكرية) وهم الأتراك الذين دخلوا على الخط في عهده

.


Wednesday, May 24, 2017

في الفقه المالكي - هبه حافظ

الفقه المالكي :
بعد وفاة الرسول – صلي الله عليه وسلم -  لم يختلف المسلمون علي وجوب جعل السنة مصدر من مصادر التشريع ، ولكن صادفتهم مشكلة أنها لم تكن مدونة  ، كان من الممكن أن تدون السنة النبوية بعد وفاة النبي ولكن الصحابة كانوا يكرهون التدوين للنهي الوارد في ذلك ، ولم يحدث تدوين للسنة طوال القرن الأول الهجري ، فكانت السنة النبوية عبارة عن مجموعة أخبار متواترة موجودة مع صحابة النبي متوافرة مع البعض ، وغير متوافرة مع البعض الأخر . [1]
ولقد قام الأمام مالك بتأليف كتاب الموطأ الذي يعتبر من أقدم ما دون في الحديث ، ولقد ألفه الأمام وتوخي فيه القوي من أحاديث أهل الحجاز ، ومزجه بأقوال الصحابة والتابعين من بعدهم ، ولقد وضع مالك الكتاب في نحو عشرة ألاف حديث ، فلم يزل ينظر فيه في كل سنة ، يسقط منه ، حتي بقي هذا [2]  
وكان ممن جمع الأحاديث الفقهاء أصحاب رسول الله الذين أخذوا العلم عنه ، وعلموا أسباب نزول الأوامر والنواهي ، ووظائف الشرائع ، ومخارج كلامه عليه السلام ، وشاهدوا قرائن ذلك ، وشافهوا  في أكثرها            النبي عليه السلام ، وأستفسروه عنها ، مع ما كانوا عليه من سعة العلم ومعرفة معاني الكلمات ، ولكنهم لم يتكلموا من النوازل إلا في اليسير مما وقع ، ولا تفرعت عنهم المسائل ، ولا تكلموا من الشرع إلا في قواعد ووقائع . [3] فكان منهم  { مالك بن أنس بالمدينة – أبو حنيفة والثوري بالكوفة – الحسن البصري بالبصرة علي ما تقدم منه – الأوزاعي بالشام – والشافعي بمصر – وأحمد بن حنبل بغداد ، وكان لأبي ثورٍ هناك أيضاً اتباع } [4]
يعتمد منهج الأمام مالك علي رواية الحديث فهو دعامته الأساسية في فقهه ، وكان دائماً ما يبغض البدع ويحرص عل أتباع السنن  فقال فيه الفقيه القاضي رضي الله عنه : كان مالك كثيراً ما يتمثل :
وخير أمور الدين ما كان سنة      وشر الأمور المحدثات البدائع
وقال ابن حنبل:  إذا رأيت رجل يبغض مالكا فأعلم أنه مبتدع  . وقال أبو داود : اخشي عليك البدعة . وقال بن مهدي : إذا رأيت الحجازي يحب مالك بن أنس ، فاعلم أنه صاحب سنة ، وإذا رأيت أحد يتناوله ، فاعلم أنه علي خلاف [5]
قال سفيان بن عيينه : سأل رجل مالكا فقال { الرحمن علي العرش أستوي } [6] ، كيف أستوي يا أبا عبد الله ؟ فسكت مالك ملياً حتي علاه الرحضاء ، وما رأينا مالكاً وجد من شئ وجده من مقالته ، وجعل الناس ينظرون ما يأمر به ، ثم سري عنه فقال : الأستواء منه معلوم ، والكيف منه غير معقول ، والسؤال عن هذا بدعة ، والإيمان به واجب ، وإني لأظنك ضالاً ، أخرجوه !
فناداه الرجل : يا أبا عبد الله ، والله الذي لا إله إلا هو ، لقد سألت عن هذه المسأله أهل البصرة والكوفة والعراق ولم أجد أحداً وفق لما وفقت له . [7]
وفي كره المجادلة والمناظرة ويقول مالك " أرأيت إن جاءه من هو أجدل منه أيدع  دينه كل يوم لدين جديد " [8]
وكان الأمام دائماً ما يأمر بأصلاح اللحن والبعد عن الخطأ في الحديث ، وتتبع ألفاظه ومعانيه ومحاولة فهمهم فلقد أخبرنا خلف بن احمد (وعبد الرحمن بن يحيي) قالا : نا أحمد بن سعيد ، نا سعيد بن عثمان ، نا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، ثنا أشهب قال " سألت مالكاً – رحمه الله – عن الأحاديث يقدم فيها ويؤخر والمعني واحد ، قال : أما ما كان في قول النبي فلا أري بذلك بأساً ، قلت : حديث النبي يزداد فيه الواو والألف والمعني واحد . قال : أرجو أن يكون هذا خفيفاً " [9]
وبما أن عمل الفقه هو إصدار الأحكام علي الأعمال والأشياء بالحرمة أو الأباحة ، ففي بيع الرقيق قال مالك:  " لا ينبغي أن يستثني جنين في بطن أمه إذا بيعت ، لأن ذلك غرر ، لا يُدري أذكر هو ام أنثي ، أحسن ام قبيح ، أو ناقص أو تام ، او حي أو ميت ، وذلك يضع من ثمنها " [10]  وقال : وإنما نهي سعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار ، وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وابن شهاب ، عن أن لا يبيع الرجل حنطة بذهب ، ثم يشتري الرجل بالذهب تمراً . قبل أن يقبض الذهب من بيعه الذي أشتري منه الحنطة . فإما أن يشتري بالذهب الذي باع بها الحنطة ، إلي أجلٍ تمر من غير بائعهِ الذي باع منه الحنطة ، قبل أن يقبض الذهب ويحيل الذي أشتري منه التمر علي غريمه الذي باع منه الحنطة . بالذهب الذي عليه في ثمن التمر . فلا بأس بذلك . قال مالك : وقد سألت عن ذلك غير واحد من أهل العلم ، فلم يروا به بأساً [11]
نري هنا ان الأمام كان يستخدم أصطلاحات معينة مثل (لا ينبغي) وقوله في مواضع أخري في كتابه الموطأ ، فهذا مكروه ، لا يصلح ، وقوله .. فلا خير فيه ، وقوله لا بأس أو لا أري بأس والكثير من ذلك . [12]
وعلي الرغم من أن عامة المسلمين كانوا يستشفوا الحلال والحرام ممن يتصدرون الفُتيا ، إلا أن الأمام مالك كان يقول : إنما أنا بشرٌ أخطئ وأصيب ، فأنظروا في رأيي ، فكلما وافق الكتاب والسنة فخذوا به ، وكلما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه . [13]
وكما أوضح لنا الفقه المالكي الأحكام الفقهيه المختلفة في البيوع وغيرها ، لاحظنا كيف أن الموطأ يفسر لنا عمل من الأعمال الفطرية التي لم نستغني عنها في حياتنا ، وهو ما يُتخذ مع الميت ، ولقد تحدث عنه الأمام في كتاب (الجنائز) فيذكر لنا ما فعله النبي حين توفيت أبنته فيقول " وحدثني عن مالك ، عن أيوب بن أبي تميمة السختياني ، عن محمد بن سيرين ، عن أم عطية الأنصارية ؛ قالت : دخل عليا رسول الله – صلي الله عليه وسلم – حين توفيت أبنته فقال : ( أغسلنها ثلاثا ، أو خمساً أو أكثر من ذلك ، إذا رأيتن ذلك ، بماء وسدر ، وأجعلن في الأخرة كافوراً أو شئ من كافور . فإذا فرغتن فآذنني ) قالت : فلما فرغنا أذناه ، فأعطانا حقوه فقال ( أشعرنها إياه ) ، تعني بحقوة أزاره . [14]
وحدثني عن مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر ؛ أن اسماء بن عميس غسلت أبا بكر الصديق ، حين توفي . ثم خرجت فسألت من حضرها من المهاجرين . فقالت : إني صائمة وإن هذاا يوم شديد البرد ، فهل عليا من غسل ؟ فقالوا:  لا .
وحدثني عن  مالك ؛ أنه سمع اهل العلم يقولون : إذا ماتت المرأة ، وليس معها نساء يُغسلنها ، ولا من ذوي المحرم أحد بلي ذلك منها ، ولا زوج بلي ذلك منها ، يُممت فمُسح بوجهها وكفيها من الصعيد .
وقال مالك : وإذا هلك الرجل ، وليس معه أحد ، إلا نساء ، يممنه أيضاً .
قال مالك : ليس لغسل الميت عندنا شئ موصوف وليس لذلك صفة معلومة ، ولكن يُغسَّل فيُطهَّر . [15]
كان الأمام مالك من أشد الأئمة في أقامة حدود الله فلقد قال عبد الجبار بن عمر : حضرت مالكاً وقد أحضره الوالي في جماعة من أهل العلم ، فسألهم عن رجل عدا علي أخيه حتي إذا أدركه دفعه في بئر وأخذ رداءه ، وابو الغلامين حاضران ، فقال جماعه من العلماء : الخيار للأبويين في العفو أو القصاص ، فقال مالك : أري أن تضرب عنقه الساعه ، فقال الأبوان : أيقتل أبننا  بالأمس ونفجع في الأخر اليوم ؟ ونحن أولياء الدم ، وقد عفونا ! فقال الوالي : يا أبا عبد الله ! ليس ثم طالب غيرهم وقد عفوا . فقال مالك : والله الذي لا إله إلا هو ما تكلمت في العلم أبداً أو تضرب عنقه . وسكت ، وكلم فلم يتكلم ، فارتجت المدينة وصاح الناس : إذا سكت مالك من نسأل ومن يجيب ؟ وكثر اللغط وقالوا : لا أحد بمصر من الأمصار مثله ، ولا يقوم مقامه في العلم و الفضل .  فلما رأي الوالي عزمه علي السكوت ، قدم الغلام فضربت عنقه ، فلما سقط رأسه ألتفت مالك إلي من حضر وقال : انما قتلته بالحرابه حين أخذ ثوب أخيه ، ولم أقتله قوداً وقد عفا أبواه . وأنصرف الناس وقد طابت نفوسهم حين رأوه بر في يمينه ، إذ كان يعلم انه لا يحنث . [16]
ولم يكن الموطأ فقط هو ما ألفه الأمام رغم أنه الأشهر ، ولكن له مؤلفات عدة نذكر منها رسالته إلي بن وهب في القدر والرد علي القدرية وهو من خيار الكتب الدال علي سعة علمه بهذا الشأن رحمه الله . [17]          وأيضاً هناك كتابه في النجوم وحساب مدار الزمن ومنازل القمر وهو كتاب جيد ومفيد جداً ، ولقد أعتمد عليه الناس في هذا الباب وجعلوه أصلاً . وعليه أعتمد أبو محمد عبد الله بن مسرور القروي في تأليفه في هذا الباب وصدر بفصوله . [18] وأيضاً هناك رساله مالك في الأقضيه كتب بها لبعض القضاة في عشرة أجزاء ، اخبرنا بها الفقيه أبو اسحق بن جعفر ، عن بن سهل ، عن حاتم بن محمد ، عن ابن دينار ، عن أبي جعفر بن رحمون ، عن سعيد بن شعبان ، عن محمد بن يوسف بن مطروح ، عن عبد الله بن عبد الجليل مؤدب مالك بن أنس . ومن مؤلفاته نذكر أيضاً رسالته إلي أبي غسان محمد بن مطرف في الفتوي وهي مشهورة ، ويرويها عنه خالد بن نزار ، محمد بن مطرف ، وهو ثقة من كبار أهل المدينة ، قرينا لمالك ،يروي عن أبي حازم وزيد بن أسلم ، وروي عنه الثقات ووثقوه . ولقد نقل إسحق بن سعيد أقوال مالك في هذه الرساله منها في كتابه .     ومن مؤلفاته أيضاً رسالته إلي هارون الرشيد المشهورة في الأداب والمواعظ حدث بها في الأندلس أولاً بن حبيب ، عن رجاله ، عن مالك ، وحدث بها أخر أبو جعفر بن عون الله ، والقاضي أبو عبد الله بن مفرج ، عن احمد بن زيدويه الدمشقي ، ولم يرفع السند . [19] وهناك أيضاً كتابه في التفسير لغريب القرأن الذي يرويه عنه خالد بن عبد الرحمن المخزومي . [20] ولقد نسب إلي مالك كتاب أيضاً يسمي كتاب السر من رواية بن القاسم عنه . وأخر ما نذكر في مؤلفاته رسالته إلي الليث بن سعد في إجماع أهل المدينة . [21]



[1] محمد فاروق النبهان ، أثر الأمام مالك في تدعيم السنة النبوية في المنهج الفقهي العام ، مجلة دار الحديث الحسنية (المغرب) ، ع 4 ، 1984 م ، ص 149 .
[2] مالك بن أنس ، الموطأ ، دار إحياء التراث العربي – بيروت لبنان ،1406 هـ / 1985 م ، ج 1 ، ص (د)  .
[3] القاضي عياض ، ترتيب المدارك ، ج 1 ، ص 61 .
[4] المصدر السابق ، ص 64 .
[5] المصدر السابق ، ج 2 ، ص 38 .
[6] القرأن الكريم ، سورة طه ، الأية 4 .
[7] القاضي عياض ، المصدر السابق ، ص 39 .
[8] بن عبد البر ، جامع بيان العلم وفضله ، ج 2 ، ص 942 .
[9] المصدر السابق ، ج 1 ، ص 350 .
[10] مالك ، الموطأ ، ج 2 ، ص 610 .
[11] المصدر السابق ، ص 643 .
[12] فكري ،  المرجع السابق ، ص 681 .
[13] بن عبد البر ، المصدر السابق ، ج 1 ، ص 775 .
[14] مالك ، الموطأ ، ج 1 ، ص 222 .
[15] المصدر السابق ، ص 223 .
[16] القاضي عياض ، ترتيب المدارك ، ج 2 ، ص 58 – 59 .
[17] المصدر السابق ، ص 90 .
[18] المصدر السابق ، ص 91 .
[19] المصدر السابق ، ص 92 .
[20] المصدر السابق ، ص 93 .
[21] المصدر السابق ، ص 94 . 

عطايا ومنح الأمراء والخلفاء الأمويين بالأندلس للمغنين بقلم: د. نورهان إبراهيم سلامة

  كان الأمويون شغوفين بالغناء والموسيقى وكان منهم إما من المشاركين فيه أو ممن كانوا يشجعون مثل هذا الفن والمغنين والموسيقيين ، فكانوا يغدقون...