Thursday, December 24, 2020

الشيعة نشأتها وتطورها (منذ وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى سقوط الدولة الأموية) د. نورهان إبراهيم سلامة

 

المقدمة

التشيع لغة واصطلاحًا

   أختلفت المصادر اللغوية في تناولها لمعنى التشيع ، فيقال : شايعه، أي ولاه ، والمشايع بمعنى اللاحق . وتشيع ، أي : ادعى دعوة الشيعة، فالشيعة هم الأتباع والأنصار ، وبهذا المعنى اللغوي استخدم القرآن الكريم لفظة الشيعة  كما في قوله تعالي" هذا من شيعته وهذا من عدوه"  ، والشيعة أيضًا هم  كل قوم ،اجتمعوا على أمر ، وهي الجماعة الواحدة إذا كان أمرها واحدًا، وشيعة الرجل هم أتباعه وأنصاره ومؤيدوه .

   ويعرف الشهرستاني الشيعة في كتابه الملل والنحل " بأنهم هم الذين شايعوا عليًا عليه السلام على الخصوص ، وقالوا بإمامته نصًا ووصية، إما جليًا أو خفيًا ، وأعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده ، وإن خرجت فبظلم يكون من غيره ، أو بتقية من عنده ، قالوا : وليست الإمامة قضية أصولية . هو ركن الدين ، ويجمعهم القول بوجوب التعيين والتنصيص ، وثبوت عصمة الأئمة وجوبًا عن الكبائر والصغائر " 

   أما التشيع اصطلاحًا فيقصد به القول بدعوة الشيعة ، وهي جماعة شايعت الإمام عليًا في إمامته ، وإن الأئمة من أبنائه وذريته معصومون من الكبائر والصغائر  وإن جئنا للمفهوم الأشمل للكلمة فهي تشير إلى حركة التمسك بموقع مميزلآل البيت ، أما من ناحية القيادة السياسية والدينية فمشتق من اسم " شيعة علي "  . ويرى أحد علماء الشيعة أن كل المسلمين يحبون عليًا وأولاده ، بوصفهم أهل بيت  النبي صلى الله عليه وسلم الذين فرض الله  "مودتهم  في قولهم " قل لا أسألكم عليه أجرًا إلا المودة في قربي "  عدا النواصب  الذين يبغضون عليًا وذريته .

أوليات الشيعة

  أختلفت الروايات التاريخية حول نشأة التشيع ، فترجع النشأة ، كما يرى أحدهم ، إلى أنه ظهر في أواخر عصر الخليفة الثالث عثمان وفي رواية آخرى لدكتور محمود إسماعيل نجد أن التشيع بوصفه مفهومًا سياسيًا ودينيًا لم يظهر إلا بعد حادثة التحكيم المشهورة في حرب صفين سنة 37 هـ  ، وفي رواية آخرى يرى إنه عندما خالف طلحة والزبير الإمام عليًا وتقاتلوا في الجمل ، تسمى من تبعوا عليًا على ذلك ب " الشيعة " ، في حين تؤكد رواية رابعة أنه كان لعلي شيعة  من بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم  ، وهناك اعتقاد آخر أن أول تشيع صحيح من جهة المذهب ، وأساسه القول بإمامة أهل البيت ، إنما جاء بعد مقتل الحسين لشعور أهل العراق بالندم ويتفق مع رآي آخر بأن كلمة شيعة لم  تستخدم إلا بعد مقتل الحسين ، ويرى أحد المستشرقين أن مأساة كربلاء أسرعت في تحويل الشيعة من حزب سياسي إلى مذهب ديني  .

وإذا افترضنا أن كل من أحب عليًا أو فضله من الصحابة متشيع له ، فقد كان من بين الصحابة حتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم شيعة لربيبه علي ، منهم : أبو ذر الغفاري ، المقداد بن الأسود ، جابر بن عبدالله ، وأبي بن كعب، وأبو الطفيل عامر بن واثلة ، وعباس بن عبد المطلب وجميع بنيه ، وعمار بن ياسر ، وأبو أيوب الأنصاري  .

موقف الشيعة من الصحابة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم

  في البداية نتحدث عن عقيدة أهل السنة والجماعة في آل الرسول صلى الله عليه وسلم ، يقول ابن تيمية رحمه الله في العقيدة المواسطية " يحبون أهل بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتولونهم ، ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم آله وسلم حيث قال يوم غدير " أذكركم الله في أهل بيتي " - مسلم -  .

   ومع ذلك فإن موقف الشيعة من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم مختلف تمامًا ، فإنهم يكفرونهم ويحكمون عليهم بالردة فينسب الشيعة زورًا إلة الإمام محمد الباقر والد الإمام جعفر الصادق إنه قال " كان الناس أهل ردة بعد النبي إلا ثلاثة ، والثلاثة عندهم هم المقداد بن الأسود وأبي ذر الغفاري ، وسلمان الفارسي ، وهذا افتراء على والد الإمام جعفر الصادق رضى الله عنه ، ولهذا قال الإمام جعفر " إنا أهل بيت صادقون لا نلخو من كذاب يكذب علينا ويسقط صدقنا - أي يكذبه - عند الناس " ووصل بهم الأمر أن يفتروا على أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضى الله عنه فينسبون إليه زورًا أنه قال " إن الناس كلهم ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم غير أربعة " وقال التستري الشيعي عن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، إنهم داموا مجبولين على توشح النفاق وترشح الشقاق " .

  وقد نسى أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال مخاطبًا جنده مثنيًا ثناء عطرًا على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم واصفًا أخلاقهم الكريمة قائلًا " رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وآله ، فما أرى أحدًا يشبهه منكم ، لقد كانوا يصبحون شعثًا غبرًا ، وقد باتوا سجدًا وقيامًا ويرواحون بين جباههم وخدودهم ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم ، كأن بين أعينهم ركب المعزي من طول سجودهم ، وإذا ذكر الله همرت أعينهم ، حتى تبتل جيوبهم ، مادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف خوفًا من العقاب ورجاء الثواب  وبالطبع فلا يمكن أن ينسب إلى أمير المؤمنين على بن أبي طالب إن الناس كلهم ارتدوا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أربعة فهذا افتراء على علي رضي الله عنه ومما يدل على أنه لم تكن هناك وصاية بعلي رضي الله عنه قوله " والله ماكان لي في الولاية رغبة ، ولا في إمارة إربة ، ولكنكم دعوتموني إليها وحملتموني عليها[1].وقال أيضًا " دعوني والتمسوا غيري فإن أكن لكم وزيرًا ، خيرًا لكم من أكون لكم أميرًا " [2]

    لقد كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه من أشد الناس حبًا للثلاثة بدليل أنه سمي بعض أولاده بأبي بكر وعمر وعثمان وكان الإمام محمد الباقر من أشد الناس حبًا للصحابة ، حتى أن رجلًا من أصحاب محمد الباقر وشيعته تعجب من الباقر حين وصف أبا بكر بالصديق ، فقال الرجل : أتصفه بالصديق ؟! فقال الباقر : نعم الصديق ، فمن لم يقل له الصديق فلا صدق الله له قولًا في الآخرة "[3] ، ويقول جعفر الصادق لامرأة سألته عن أبي بكر وعمر : أتولهما : فقال : توليهما فقالت : فأقول ولربي إذا لقيته إنك أمرتني بولايتهما ؟ فقال لهم : نعم " [4].

طعن الشيعة في أبي بكر الصديق

  قال الطوسي الشيعي في تلخيص الشافي : " إن من الناس من شك في إيمانه  أي إيمان أبي بكر لأن في الأمة من قال : إنه لم يكن عارفًا بالله تعالى قط " [5] .ولعل هذا قمة الافتراء على من قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والله لو وزن إيمان الأمة بإيمان أبي بكر لرجع إيمان أبي بكر " لقد بلغ الإفتراء بأحد علماء الشيعة حدًا لا مثيل له حين قال " أمضي – أي أبو بكر الصديق رضي الله عنه – أكثر عمره مقيمًا على الكفر خادمًا للأوثان   .

  لقد كان أبو بكر الصديق هو أول من أمن بالرسول من الرجال وامن برسالته ، ويشهد لذلك حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه " وما عرضت الإسلام على أحد إلا كانت له كبوة إلا أبا بكر فإنه لم يتلعثم " – مسند أحمد، وسنن ابن ماجه - . وقد وضع أبو بكر ماله في سبيل الدعوة الإسلامية ، وأعتق بماله كثيرًا من العبيد ، وحررهم وأعتق رقابهم ، لقد كان أيو بكر أول خليفة في الإسلام وأول أمير أرسل على الحج ، وأول من جمع القرآن ، وضع كل ماله في سبيل الدعوة الإسلامية  .

شهادة علي لأبي بكر الصديق

  يذكر الإمام علي بن أبي طالب بيعته لأبي بكر الصديق فيقول " فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فبايعته ونهضت في تلك الأحداث حتى زاغ الباطل وزهق وكانت ( كلمة الله هي العليا ولو كره الكافرون ) فتولى أبو بكر تلك الأمور ، فيسر وسدد وقارب واقتصد فصحبته مناصحًا وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهدًا " 

وشهد علي لأبي بكر بأنه أحق بالخلافة ، وأجدر بها فقال" وإنا لنرى أبا بكر أحق بها ، إنه لصاحب الغار ، وإنا لنعرف سنه ، ولقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم  بالصلاة خلفه وهو حي  .

وكان من العجيب من أساسيات المذهب الشيعي ضرورة إعلان الشيعي البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية رضي الله عنهم أجمعين . يقول المجلس الشيعي " ومن ضروريات دين الإمامية البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية " مع أننا لو نظرنا إلى ما قاله أمير المؤمنين علي رضي الله عنه في خطبة تأبين أبي بكر حين مات ، ذلك أنه لما سمع علي ابن أبي طالب رضي الله عنه خبر وفاة أبي بكر جاء باكيًا مسترجعًا حتى وقف على الباب وهو يقول : رحمك الله أبا بكر ، أكنت والله أول القوم إسلامًا ، وأخلقهم إيمانًا ، وأحفظهم على رسول  الله صلى الله عليه وسلم وأحدبهم على الإسلام وأحماهم عن أهله "  .

طعن الشيعة في عمر بن الخطاب رضي الله عنه

لقد بلغ الأمر بالشيعة أن يسموا أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه بالكفر والنفاق يقول المجلسي " لا مجال لعاقل أن يشك في كفر عمر . فلعنة الله ورسوله عليه . وعلى كل من اعتبره مسلمًا، وعلى كل من يكف عن لعنته  .

وهم يدعون على الشيخين بدعاء يعرف بدعاء صنمي قريش ويقصدون بذلك أبو بكر وعمر رضي الله عنهما والسيدة عائشة رضي الله عنها والسيدة حفصة رضي الله عنها [6].

يقول ابن سعد في طبقاته كان في إسلام عمر عزا للمسلمين فأعلنوا شعائر دينهم بعدما كانوا يخفونها ، وفرق لله إسلامه بين الحق والباطل ولقبه بالرسول صلى الله عليه وسلم  يومئذ بالفاروق   .

الفتنة  ﻓﻲ ﻋﻬد عثمان

     ﻤﻨــذ ﻨﻬﺎﻴــﺔ ﻋــﺼر الفاروق  ﻋﻤــر ﺒــن الخطاب رﻀــﻲ ﷲ ﻋﻨــﻪ ﺒــدأت ﻤﻼﻤــﺢ التغير في المجتمع المسلم  واﻀﺤﺔ للعيان ، ﻘد اﺘﺴﻌت الفتوحات وﻓﺎض المال ﺒﺄﻴدي المسلمين الذين ﻜﺜروا ودﺨل ﻓﻴﻬم ﻋﻨﺎﺼر ﺠدﻴدة ﻜﺜﻴرة ﻤـن أﻫـل البلاد المفتوحة ﻤﺜﻠـت اﻷﻏﻠﺒﻴـﺔ ﺨـﻼل ﺴـﻨوات ﻤﻌـدودة، وﻜﺎﻨـت ﻫـذﻩ الغالبية ﻤﻨﻬـﺎ ﻤـن من ﻜﺎن ﻤﺨﻠﺼًا لله ﻓﻲ إﺴﻼﻤﻪ وﻤﻨﻬﺎ ﻤن ﻜﺎن ﻴرﻴد اﻻﻨﺘﻘـﺎم ﻤـن اﻹﺴـﻼم الذي ﻫـدم دﻴﺎﻨﺘـﻪ، وﻗـﻀﻰ ﻋﻠـﻰ دولته ، ﻜﻤﺎ ﻫو ﺤﺎل ﺒﻌض اليهود والفرس، ﻜﻤﺎ ﺴﺎد الميل إلى الدنيا ﻓـﻲ ﻨﻔـوس ﻜﺜﻴـر ﻤـن المسلمين ﻓـرﻜن ﺒﻌـﻀﻬم إلى الدنيا وزﻴﻨﺘﻬــﺎ. ﺘﻐﻴــرت اﻷﺤــوال إذن وأﺴــوأ ﻤــن ذلك تغيرت  النفوس ﻤﻤــﺎ ﺠﻌــل أﻤﻴــر المؤمنين ﻋﺜﻤــﺎن بن عفان  رﻀﻲ ﷲ ﻋﻨﻪ  ﻓﻲ ﻤﺄزق من الأمر ،  ﻓﻘد ﺤﻜم ﻗوﻤﺎ ﻏﻴر ﻤن ﻜﺎن ﻋﻤـر ﻴﺤﻜﻤﻬـم ﻓـﻲ ﺒداﻴـﺔ ﺨﻼﻓﺘـﻪ ﻓﻘـد ﻜـﺎن ﻋﻤر رﻀـﻲ ﷲ ﻋﻨـﻪ  ﻴﺤﻜـم  الصحابة  أﻤـﺎ ﻋﺜﻤـﺎن ﻓﻜـﺎن أﻏﻠـب رﻋﻴﺘـﻪ ﻤن من لم يروا رﺴـول ﷲ صلى الله عليه وسلم  ﻴﺘـﺄدﺒوا ﺒﺄدﺒـﻪ وﻤـﻨﻬم ﻤـن ﻏرﺘـﻪ الدنيا  بأﻤـوال الفتوحات وﻜـﺎن ﻻ ﺒـد ﻤـن ﺤدوث الفتنة[7]،  ﻓﻘد أﺨﺒر ﺒﻬﺎ رﺴول ﷲ ﻓﻌن ﺤذﻴﻔﺔ ﻗـﺎل :ﻜﻨـﺎ ﺠﻠوﺴـﺎ ﻋﻨـد ﻋﻤـر ﻓﻘـﺎل :أﻴﻜـم ﻴﺤﻔـظ ﻗـول رﺴـول ﷲ ﻓـﻲ الفتنة؟ ﻗﻠـت:رأﻨـﺎ، ﻗـﺎل :إﻨـك ﻋﻠﻴﻬـﺎ لجريء. ﻗﻠـت :ﻓﺘﻨـﺔ الرجل ﻓـﻲ أﻫﻠـﻪ وماله وولده وﺠـﺎرﻩ ﺘﻜﻔرﻫـﺎ الصلاة والصوم والصدقة واﻷﻤــر والنهي .ﻗـﺎل :ليس ﻫـذا أرﻴــد، ولكن الفتنة التي ﺘﻤــوج ﻜﻤـﺎ يموج البحر . ﻗﺎل ليس ﻋﻠﻴك ﻤﻨﻬﺎ ﺒﺄس ﻴﺎ أﻤﻴر المؤمنين، إن ﺒﻴﻨك وﺒﻴﻨﻬﺎ ﺒﺎﺒﺎ ﻤﻐﻠﻘﺎ .ﻗﺎل :أﻴﻜﺴر أم ﻴﻔﺘﺢ؟. ﻗﺎل :ﻴﻜﺴر ﻗﺎل :إذن ﻻ ﻴﻐﻠق أﺒدا .ﻗﻠﻨﺎ :أﻜﺎن ﻋﻤر ﻴﻌﻠم الباب؟ ﻗﺎل :ﻨﻌـم، ﻜﻤـﺎ أن دون الغد الليلة إﻨـﻲ ﺤدﺜﺘـﻪ ﺒﺤـدﻴث ليس ﺒﺎﻷغاليط ﻓﻬﺒﻨﺎ أن ﻨﺴﺄل ﺤذﻴﻔﺔ، ﻓﺄﻤرﻨﺎ ﻤﺴروﻗﺎ فسأله، ﻓﻘﺎل: الباب ﻋﻤر[8]. ﻜﺎن الصحابة  ﻴﻌﻠﻤون أن اﺴﺘﺸﻬﺎد ﻋﻤر ﻫو ﻓﺘﺢ لباب الفتنة ؛لذلك  ﻜـﺎن عثمان رضي الله عنه ﺤرﻴــﺼﺎ ﻋﻠــﻰ مداراة ﻤــن يخالفه ، و من أمرائهم  ظﻠﻤــﺎ وﻋــدواﻨﺎ، وعندما كثرت شكواهم أﺸـﺎر وﻻة ﻋﺜﻤـﺎن ﻋﻠﻴـﻪ ﺒﺄﺨـذﻫم بالشدة ، فقال لهم " :وﷲ إن رﺤـﻰ الفتنة لدائرة ، ﻓطـوﺒﻰ لعثمان إن مات ولم يحركها [9]

 

ظهور عبد الله بن سبأ واشتعال الفتنة

اتهم  أﻫـل الفتنة عثمان رضي الله عنه بتصرفات ﺒﺎطﻠـﺔ ولم يكتفوا بهذا فقط بل أخذوا ﻴطﻌﻨـون ﻓــﻲ وﻻﺘــﻪ، وﻫــو ﺼــﺎﺒر ﻋﻠــﻴﻬم ولكن ﻜــﺎن ﻫﻨــﺎك ﻤــن ﻴﺤــرك الفتنة وهو ﻋﺒــد ﷲ ﺒــن ﺴــﺒﺄ ،الذي  أظﻬـر اﻹﺴـﻼم وأﺒطـن الكفر والعداوة للإسلام  وأﻫﻠـﻪ [10] ، أختلف المؤرخون حديثًا وقديمًا حول حقيقة عبد الله بن سبأ وحول موطنه ونشأته ولكن الشئ الذي لم يختلفوا عليه هو أفكار الهدامة وحقيقة دعواه ، حيث أختلفوا غنه كان شخصية حقيقة في عهد عثمان بن عفان وغيرهم قالوا إنها شخصية خيالية ، والبعض الآخر قال إنه لم يكن له دور في المجال الديني بل  كان دوره مقصورًا في الجانب السياسي فقط، كما أختلفوا في موطنه وأصله فيقال إنه من الحيرة  ، فين حين  نجد الطبري  يذكر إنه  من أهل صنعاء تحديدًا وهو أقرب الإحتمالات ، أما ابن كثير فقد أتى برأي مخالف وذكر أن أصله رومي ، ويتفق الجميع على أنه يهودي الأصل ، وأن أمه سوداء من الحبشة ، فهو يماني الأصل يهودي الدين من جهة الأب ، أفريقي من جهة الأم ، لذا هو يعرف في بعض الكتب بإسم ابن سبأ ، وأحيانًا آخرى بابن السوداء أو عبد الله بن السوداء [11]

أخذ ابن السوداء بتحـريض الناس ﻋﻠـﻰ عثمان ، والطعن ﻋﻠـﻰ أمراء الفتنة  ﻓـﻲ ﻤﺼر والبصرة والكوفة ، ﻴﺤـرض ﺒﻌـﻀﻬم ﺒﻌـﻀًا ﻓﻴﻬـﺎ ﻋﻠـﻰ التشنيع ﻋﻠـﻰ وﻻ ة ﻋﺜﻤـﺎن ﺜـم ﻋﻠـﻰ ﻋﺜﻤـﺎن ﻨﻔـﺴﻪ ﺤﺘـﻰ وﺼــل اﻷﻤــر إلى اﻻبتعاد ﻋﻠــﻰ ﻗــدوم المدينة ﻓـﻲ ﻤوﺴــم الحج وإعلان العصيان والخروج ﻋﻠــﻰ عثمان رضي الله عنه وﻜﺎن عثمان رضي الله عنه ﻗد ﻋﻠم ﺒﻤﺎ ﺨططﻪ أﻫل الفتنة  ﻤـن رﺠﻠـﻴن ﺸـﻬدا ﺘـدﺒﻴرﻫم وﻤﻜـرﻫم ﻓﺄرﺴـل إلي الكوفيين والبصريين وﻨﺎدى :الصلاة جامعة  !ﻓﺄﻗﺒل الرجلان  وﺸﻬدا ﺒﻤـﺎ ﻋﻠﻤـﺎ ﻓﻘـﺎل المسلمون ﺠﻤﻴﻌًا : اﻗـﺘﻠﻬم ﻓﺈن رﺴول ﷲ صلى الله عليه وسلم ﻗﺎل :ﻤن دﻋﺎ إلى ﻨﻔﺴﻪ أو إلى  أﺤـد وﻋﻠـﻰ الناس إﻤـﺎم ﻓﻌﻠﻴـﻪ لعنة ﷲ ﻓﺎﻗﺘﻠوﻩ ﻓﻘﺎل ﻋﺜﻤﺎن: ﺒل ﻨﻌﻔو وﻨﻘﺒل وﻨﺒﺼرﻫم ﺒﺠﻬدﻨﺎ وﻻ ﻨﺤﺎد أﺤدا ﺤﺘﻰ ﻴرﻜب ﺤدا أو ﻴﺒدي ﻜﻔار [12] .

  أﺨـذ الخليفة عثمان رضي الله عنه ﻴـرد ﻋﻠـﻰ ﻜـل ﻤـﺎ زﻋﻤـوﻩ واﻓﺘـروﻩ والمهاجرون واﻷﻨـﺼﺎر ﻴؤﻴدوﻨـﻪ ﻓـﻲ ﻜـل ﻤـﺎ ﻴﻘول ﺤﺘﻰ إذا اﻨﺘﻬﻰ ﻤن ردﻩ على أﻫـل الفتنة وأفحمهم، رفض المسلمون إﻻ ﻗـﺘﻠﻬم وأﺒـﻰ ﻋﺜﻤـﺎن إﻻ ﺘـرﻜﻬم ﻓـذﻫﺒوا  ورﺠﻌوا إلى ﺒﻼدﻫم ﻤﻊ إﺘﻔﺎق ﺒﻴﻨﻬم ﻋﻠـﻰ أن ﻴﻌـودوا وﺴـط الحجاج ﻻﻗﺘﺤـﺎم المدينة ﻓﺘﻜـﺎﺘﺒوا وقالوا :ﻤوﻋـدﻜم ﻓـوﺠﺊعثمان[13] ﻀـواﺤﻲ المدينة ﻓـﻲ ﺸـوال ﻤـن ﻋـﺎم 35هـ والمسلمون ﻤﻌـﻪ ﺒﺄﻫـل الفتنة ﻴﻌﻴـدون اﺤـﺘﻼل المدينة  ﺒﺸﻜل ﻤﻨظم ﺘم إﻋدادﻩ ﻤﺴﺒﻘﺎ وﻴﺤﺎﺼرون دار الخليفة وﻴواﺠﻬوﻨﻪ ﺒﻤﺎ اﻓﺘروﻩ ﻋﻠﻴﻪ وﻜﺎن ﻤن من ﺸـﺎرك ﻓــﻲ الفتنة ﻜﺜﻴــر ﻤــن الجهال ﻤــن أهل المدينة الذين غرر ﺒﻬــم أﻫــل الفتنة ، واﺴــﺘﺨدﻤوﻫم ﻓــﻲ ﻤﺨططﻬــم الخبيث .

وﻗف ﻫؤﻻء وأولئك أﻤﺎم دار الخليفة عثمان رضي الله عنه ﻴﺤﺎﺼروﻨﻬﺎ، وﻴﻌـددون ﻋﻠﻴـﻪ اﺘﻬﺎﻤـﺎﺘﻬم؛ ﻓـرد ﻋﻠـﻴﻬم ﻜـل اﺘﻬـﺎم ﺒﺎطـل ﺒﻤـﺎ ﻴدﺤـﻀﻪ، ولكن الفتنة والعناد  ﻗـد ﺘﺤﻜﻤـﺎ ﻓـﻴﻬم، وأﺨـذ رؤوس الفتنة  ﻴﻘطﻌـون ﻜـل السبل أﻤـﺎم  إﺨﻤﺎدﻫـﺎ؛ ﻓﺨﻴـروﻩ ﺒـﻴن ﻋـزل ﻨﻔـﺴﻪ أو ﻗﺘﻠـﻪ، ﻓـرﻓض ﻷن النبي صلى الله عليه وسلم ﻗـد ﺒـﺸرﻩ بالشهادة  ﻓﻌـن  أﺒﻲ ﻤوﺴﻰ اﻷﺸﻌري أن رﺴول ﷲ دﺨل ﻋﻨد ﺒﺌر أرﻴس، ﻓﺠﺎء إﻨﺴﺎن ﻴﺤرك الباب، ﻓﻘﻠت :ﻤن ﻫذا؟ ﻓﻘـﺎل :عثمان بن عفان .ﻓﻘﻠـت :ﻋﻠـﻰ رﺴـﻠك . ﻓﺠﺌـت إلى  رﺴـول ﷲ ﻓﺄﺨﺒرﺘـﻪ، ﻓﻘـﺎل :اﺌـذن له وﺒـﺸرﻩ ﺒﺎلجنة ﻋﻠﻰ ﺒﻠوى ﺘﺼﻴﺒﻪ. ﻜﻤﺎ أن النبي [14] ﻗد ﻨﻬﺎﻩ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘـﻪ ﻋـن ﺨﻠـﻊ ﻨﻔـﺴﻪ ﻤـن الخلافة التي ﺘﺄﺘﻴـﻪ؛ ﻓﻌـن ﻋﺎﺌﺸﺔ أن رﺴول  ﷲ دﻋﺎ ﻋﺜﻤﺎن ﻓﻨﺎﺠﺎﻩ ﻓﺄطـﺎل، وإﻨـﻲ لم أﻓﻬـم ﻤـن قوله ﻴوﻤﺌـذ إﻻ أﻨـﻲ ﺴـﻤﻌﺘﻪ ﻴﻘـول له :وﻻ ﺘﻨـزﻋن ﻗﻤـﻴص ﷲ الذي ﻗﻤـﺼك لذا لما طﻠـب ﻤﻨـﻪ أﻫـل الفتنة ﻋـزل عماله ورد مظالمهم ، وقالوا :وﷲ لتفعلن أو لتخلعن أو لتقتلن أﺒﻰ ﻋﻠﻴﻬم وﻗﺎل :ﻻ أﻨزع ﺴرﺒﺎﻻ ﺴرﺒﻠﻨﻴﻪ ﷲ[15] وأﺨذ ﻋﺜﻤﺎن ﻴوﻀﺢ لهم ﺤرﻤـﺔ ﻤـﺎ ﻴﻨووﻨـﻪ ﻤـن ﻗﺘﻠـﻪ ﻓﻘـﺎل:وأﻨـﺸدﻜم ﺒـﷲ أﺘﻌﻠﻤـون لي ﻤـن ﺴـﺎﺒﻘﺔ ﺨﻴـر وﻗدم ﺨﻴر ﻗدﻤﻪ ﷲ لي ﻤﺎ ﻴوﺠـب ﻋﻠـﻰ ﻜـل ﻤـن ﺠـﺎء ﺒﻌـدي أن ﻴﻌرﻓـوا لي ﻓـﻀﻠﻬﺎ ﻓﻤﻬـﻼ ﻻ ﺘﻘﺘﻠـوﻨﻲ ﻓﺈﻨـﻪ ﻻ ﻴﺤل إﻻ ﻗﺘل ﺜﻼﺜﺔ :رﺠل زﻨﻰ ﺒﻌد إﺤﺼﺎﻨﻪ، أو ﻜﻔر ﺒﻌد إﻴﻤﺎﻨﻪ، أو ﻗﺘل ﻨﻔﺴﺎ ﺒﻐﻴـر ﺤـق ﻓـﺈﻨﻜم إذا ﻗﺘﻠﺘﻤـوﻨﻲ وﻀﻌﺘم السيف ﻋﻠﻰ رﻗﺎﺒﻜم، ﺜم لم ﻴرﻓﻊ الله ﻋﻨﻜم اﻻﺨﺘﻼف أﺒدا ﺜم لزم ﻋﺜﻤـﺎن الدار وأﻤـر أﻫـل المدينة[16] بالرجوع وأﻗﺴم ﻋﻠﻴﻬم ﻓرﺠﻌوا إﻻ الحسن ﺒن ﻋﻠﻲ واﺒن ﻋﺒﺎس وﻤﺤﻤد ﺒن طﻠﺤﺔ وﻋﺒد ﷲ ﺒن الزبير وأﺸﺒﺎﻫﺎ لهم، واﺠﺘﻤﻊ إليه ﻨـﺎس ﻜﺜﻴـر، ﻓﻜﺎﻨـت ﻤـدة الحصار أرﺒﻌـﻴن ﻴوﻤـﺎ، ﻓﻠﻤـﺎ ﻤـﻀت ﺜﻤـﺎﻨﻲ ﻋـﺸرة ليلة ﻗـدم رﻜﺒـﺎن ﻤــن اﻷﻤــﺼﺎر ﻓــﺄﺨﺒروا ﺒﺨﺒــرﻤــن ﺘﻬﻴــﺄ إليهم ﻤــن الجنود وﺸــﺠﻌوا الناس ، ﻓﻌﻨــدﻫﺎ حالوا ﺒــﻴن الناس وﺒــﻴن  ﻋﻠـﻲ وﻤﻨﻌـوﻩ ﻜـل ﺸـﻲء ﺤﺘـﻰ الماء ﻓﺄرﺴـل ﻋﺜﻤـﺎن ﺴـار والي طﻠﺤـﺔ والزبير رﻀـﻲ ﷲ ﻋﻨﻬﻤــﺎ وأزواج النبي ، إﻨﻬــم ﻗــد ﻤﻨﻌــوﻨﻲالماء ، ﻓــﺈن ﻗــدرﺘم أن ﺘرﺴــﻠوا إلينـﺎ ﻤــﺎء ﻓــﺎﻓﻌﻠوا .ﻓﻜــﺎن أولهم إﺠﺎﺒــﺔ  ﻓﺠــﺎء ﻋﻠــﻲ ، وأم ﺤﺒﻴﺒــﺔ زوج النبي ﻓــﻲ الغلس ﻓﻘــﺎل :ﻴــﺎ أﻴﻬــﺎ الناس ، إن الذي ﺘﻔﻌﻠــون ﻻ ﻴــﺸﺒﻪ  أﻤر المؤمنين وﻻ أﻤر الكافرين ، ﻓﻼ ﺘﻘطﻌوا ﻋن ﻫذا الرجل الماء وﻻ المادة، ﻓﺈن الروم وﻓﺎرس لتأسر ﻓﺘطﻌم وﺘﺴﻘﻲ! فقالوا :ﻻ وﷲ وﻻ ﻨﻌﻤﺔ ﻋﻴن! ﻓرﻤﻰ ﺒﻌﻤﺎﻤﺘﻪ ﻓﻲ الدار ﺒﺄﻨﻲ ﻗد ﻨﻬـﻀت ورﺠﻌـت، وﺠـﺎءت أم ﺤﺒﻴﺒـﺔ ﻋﻠﻰ ﺒﻐﻠﺔ لها ﻤﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ إداوة ﻓﻀرﺒوا وﺠﻪ ﺒﻐﻠﺘﻬﺎ، ﻓﻘﺎلت :إن وﺼﺎﻴﺎ ﺒﻨﻲ أﻤﻴﺔ ﻋﻨد ﻫذا الرﺠل، ﻓﺄﺤﺒﺒت أن أﺴﺄله ﻋﻨﻬﺎ لئلا ﺘﻬﻠك أﻤوال اﻷﻴﺘﺎم واﻷارﻤل فقالوا :ﻜﺎذﺒـﺔ وﻗطﻌـوا ﺤﺒـل البغلة  بالسيف، ﻓﻨﻔـرت وﻜـﺎدت ﺘـﺴﻘط ﻋﻨﻬـﺎ، ﻓﺘﻠﻘﺎﻫـﺎ الناس ﻓﺄﺨـذوﻫﺎ وذﻫﺒـوا ﺒﻬـﺎ إلى ﺒﻴﺘﻬـﺎ ﺜـم ﺒـدأ ذو النورين ﻴـذﻜرﻫم ﺒـﺴﺎﺒﻘﺘﻪ ﻓـﻲ اﻹﺴـﻼم، وﻤﻜﺎﻨﺘﻪ ﻤـن رﺴـول ﷲ ، وﺘـﻀﺤﻴﺎﺘﻪ ﻤـن أﺠـل الدين؛ ﻓﻘـﺎل:أﻨـﺸدﻜم ﷲ ﻫـل ﺘﻌﻠﻤـون أﻨـﻲ اﺸـﺘرﻴت ﺒﺌـر روﻤـﺔ بمالي ليستعذب ﺒﻬـﺎ، ﻓﺠﻌﻠـت رﺸـﺎﺌﻲ ﻓﻴﻬـﺎ ﻜرﺠـل ﻤـن المسلمين؟ ﻗـالوا :ﻨﻌـم. ﻗـﺎل :ﻓﻠـم ﺘﻤﻨﻌـوﻨﻲ أن أﺸـرب ﻤﻨﻬـﺎ ﺤﺘــﻰ أﻓطــر ﻋﻠــﻰ ﻤــﺎء البحر؟ ﺜــم ﻗــﺎل :أﻨــﺸدﻜم ﺒــﷲ ﻫــل ﺘﻌﻠﻤــون أﻨــﻲ اﺸــﺘرﻴت أرض ﻜــذا ﻓزدﺘﻬــﺎ ﻓــﻲ المسجد؟ ﻗﻴـل :ﻨﻌـم. ﻗـﺎل :ﻓﻬـل ﻋﻠﻤـﺘم أن أﺤـدا ﻤﻨـﻊ أن ﻴـﺼﻠﻲ ﻓﻴـﻪ ﻗﺒﻠـﻲ؟ ﺜـم ﻗـﺎل :أﻨـﺸدﻜم ﺒـﷲ أﺘﻌﻠﻤـون أن النبي ﻗﺎل ﻋﻨﻲ ﻜذا وﻜذا؟ أﺸـﻴﺎء ﻓـﻲ ﺸـﺄﻨﻪ. ﻓﻔـﺸﺎ النهي ﻓـﻲ الناس ﻴﻘولون: ﻤﻬـﻼ ﻋـن أﻤﻴـر المؤمنين . ﻓﻘـﺎم ﻓﻘﺎل :لعله ﻤﻜر ﺒﻪ [17]اﻷﺸﺘر واﻷﺸﺘر ﻫذا ﺴﻴﻜون ﻤن ﻗﺎﺘﻠﻲ اﻹﻤﺎم المظلوم ﻋﺜﻤـﺎن ﺒـن ﻋﻔـﺎن لذا[18]وﺒﻜم ﻨارﻩ ﻫﻨﺎ ﻴﺤﺎول ﺘﺨذﻴل ﻤن ﺘرﺠﻌوا ﻋن اتهامتهم لأمير المؤمنين .

ﻤﻘﺘل الخليفة ﻋﺜﻤﺎن ﺒن ﻋﻔﺎن رﻀﻲ ﷲ ﻋﻨﻪ

  ﺴﺎرت اﻷﺤداث ﻓﻲ اﻻﺘﺠﺎﻩ الذي ﺨطط له أﻫل الفتنة ؛ ﻓـﺸددوا الحصار ﻋﻠـﻰ دار عثمان رضي الله عنه ،  وﻗد ﺠﺎء ﻋدد ﻤن الصحابة، ولكنه أﻤرﻫم ﺒﺎلانصراف وﺘرك الدفاع ﻋﻨﻪ؛ ﻓﻌن ﻋﺒد ﷲ وأﺒﻨﺎﺌﻬم ﻴداﻓﻌون ﻋﻨﻪ ﺒن ﻋﺎﻤر ﺒن رﺒﻴﻌﺔ ﻗﺎل :ﻜﻨت ﻤﻊ ﻋﺜﻤﺎن ﻓﻲ الدار ﻓﻘﺎل :أﻋزم ﻋﻠﻰ ﻜل ﻤن أرى أن ﻋﻠﻴﻪ ﺴﻤﻌﺎ وطﺎﻋﺔ إﻻ ﻜف ﻴـدﻩ وﺴـﻼﺤﻪ .ﺜـم ﻗـﺎل :ﻗـم ﻴـﺎﺒن ﻋﻤـر وﻋﻠـﻰ اﺒـن ﻋﻤـر ﺴـﻴﻔﻪ ﻤﺘﻘﻠـدا ﻓـﺄﺨﺒر ﺒـﻪ الناس .ﻓﺨـرج اﺒـن ﻋﻤـر والحسن ﺒن ﻋﻠﻲ ، وﺠﺎء زﻴد ﺒن ﺜﺎﺒت ﻓﻘﺎل له :إن ﻫؤﻻء اﻷﻨﺼﺎر بالباب يقولون :إن ﺸﺌت ﻜﻨﺎ أﻨﺼﺎر ﷲ، ﻤرﺘﻴن. ﻗﺎل ﻋﺜﻤﺎن :ﻻ ﺤﺎﺠﺔ ﺒﻲ في ذلك ، ﻜﻔوا وﻗﺎل له أﺒو ﻫرﻴرة : اليوم طﺎب الضرب ﻤﻌك .ﻗـﺎل :ﻋزﻤـت ﻋﻠﻴك لتخرجن وﻜـﺎن الحسن ﺒـن ﻋﻠـﻲ آﺨـر ﻤـن ﺨـرج ﻤـن ﻋﻨـدﻩ، ﻓﺈﻨـﻪ ﺠـﺎء الحسن والحسين واﺒـن ﻋﻤـر[19] واﺒن الزبير وﻤروان، ﻓﻌزم ﻋﻠﻴﻬم ﻓﻲ وﻀﻊ ﺴﻼﺤﻬم وﺨـروﺠﻬم، ولزوم ﺒﻴـوﺘﻬم. ﻓﻘـﺎلله اﺒـن الزبير وﻤـروان : وذلك ﻴـوم الجمعة [20] ﻨﺤن ﻨﻌزم ﻋﻠﻰ أﻨﻔﺴﻨﺎ ﻻ ﻨﺒرح ، ﻓﻔﺘﺢ ﻋﺜﻤـﺎن الباب، ودﺨﻠـوا ﻋﻠﻴـﻪ ﻓـﻲ أﺼـﺢ اﻷﻗـوال  ﻗﺘــل الشهيد ﻋﺜﻤــﺎن ﺒــن ﻋﻔــﺎن[21]18ﻤــن ذي الحجة ﺴــﻨﺔ 35هـ وﻜﺎﻨــت ﺼــدﻤﺔ لم ﻴﺘوﻗﻌﻬــﺎ المسلمون، وطﻌﻨﺔ ﻏدر أُﻋدت ﺒدﻗﺔ لتوجه إلى ﻗﻠب اﻷﻤﺔ اﻹﺴﻼﻤﻴﺔ؛ ﻓﺄﺼﺎﺒت المسلمين [22].

ﻤﺒﺎﻴﻌﺔ اﻻﻤﺎم ﻋﻠﻲ

  ﺒﻌد ﺤدوث الفتنة وﻤﻘﺘـل ﻋﺜﻤـﺎن ﺒـن ﻋﻔـﺎن رﻀـﻲ ﷲ عنه بايع كبار الصحابة  ﻋﻠـﻲ ﺒـن اﺒـﻲ طالب رﻀـــﻲ ﷲ ﻋﻨـــﻪ  لخلافة المسلمين  في يوم الجمعة سنة 35 هـ [23] ، وقد ذكر المسعودي أن ﻋﻠﻴــﺎ ﺒوﻴــﻊ ﻓــﻲ اليوم الذي قتل ﻓﻴــﻪ ﻋﺜﻤــﺎن رضي الله عنه، وﺒﻌــدﻫﺎ اﻨﺘظــر ﺒﻌــض الصحابة أن ﻴﻘــﺘص ﻤن ﻗﺘﻠﺔ ﻋﺜﻤﺎن لكنه أﺠل ﻫذا اﻷﻤر. وذلك ﻷن أهل الفتنة سيطروا ﻋﻠﻰ مقاليد اﻷﻤور ﻓﻲ المدينة النبوية ، وﺸﻜﻠوا ﻓﺌﺔ ﻗوﻴـﺔ وﻤـﺴﻠﺤﺔ ﻜـﺎن ﻤـن الصعب القضاء ﻋﻠﻴﻬـﺎ .، لذلك ﻓـﻀل اﻻﻨﺘظـﺎر ليتحين الفرصة  ولكن بعض الصحابة  وﻋﻠﻰ رأسهم  طﻠﺤﺔ ﺒن ﻋﺒﻴد ﷲ والزبير بن العوام  رفضوا التباطؤ ﻓـﻲ ﺘﻨﻔﻴـذ القصاص [24] ولما ﻤـﻀت أرﺒﻌـﺔ أﺸــﻬر ﻋﻠـﻰ ﺒﻴﻌـﺔ ﻋﻠـﻲ دون ﺘﻨﻔﻴـذ القصاص ﺨـرج طلحة ، والزبير إلى مكة ، والتقوا أم المؤمنين ﻋﺎﺌـﺸﺔ التي ﻜﺎﻨـت ﻋﺎﺌـدة ﻤـن أداء ﻓرﻴـﻀﺔ الحج، واﺘﻔـق رأيهم الخروج إلى البصرة ﻋﻠـﻰ أن يتلقوا ﺒﻤـن ﻓﻴﻬـﺎ ﻤــن الرجال ، ليس لهم ﻏـرض ﻓـﻲ القتال، ولكن ﺘوﺤﻴـد ﻜﻠﻤـﺔ المسلمين [25] ، وﻤن ﺜم القبض ﻋﻠﻰ ﻗﺘﻠﺔ ﻋﺜﻤﺎن، واﻨﻔﺎذ القصاص فيهم [26] .

وذهبوا ﻴﺘﺒﺎﺤﺜون ﻓﻲ اﻷﻤر، وﻫداﻫم ﺘﻔﻜﻴرﻫم إلى  ﺘﺠﻬﻴز ﺠﻴش للأخذ  ﺒﺎلثأرﻤن ﻗﺘﻠﺔ ﻋﺜﻤﺎن والسير  ﺒــﻪ إلى البصرة ، وﺼــﻠت أﺨﺒــﺎر ﺴــﻴر ﻋﺎﺌــﺸﺔ وﻤــن ﻤﻌﻬــﺎ إلى ﻋﻠــﻰ وﻫــو ﻴﺘﺄﻫــب للخروج إلى الشام لقتال ﻤﻌﺎوﻴﺔ، ﻓﺎﻀطر إلى ﺘﻐﻴﻴر ﺨطﺘﻪ، ﻓﻠم ﻴﻌد ﻤﻤﻜﻨﺎ أن ﻴذﻫب إلى الشام ، وﻴﺘرك ﻫؤﻻء ﻴذﻫﺒون إلى البصرة فاستعد للذهاب هناك [27].

  اﻨطﻠق علي رضي الله عنه ﻓﻲ المسير لقتال السيدة ﻋﺎﺌـﺸﺔ رﻀـﻰ ﷲ ﻋﻨﻬـﺎ، و ﻗـد ﺨرﺠـــت وﻤﻌﻬـــﺎ ﻓـــﻲ البداية ﻨﺤـــو ألف رﺠـــل لكن ﻫـــذا العدد ﺘـــﻀﺎﻋف ﻋـــدة مرات، ﺒإﻨـــﻀﻤﺎم ﻜﺜﻴـــرﻴن ، ونظرًا لمكانة عائشة، فلما اقتربوا  من البصرة أرسل واليها عثمان بن حنيف رسولين من عنده ، وهما عمران بن حصين وأبوالأسود الؤلي ليسألنها عن سبب قدومها ، فقالت لهما إن الغوغاء من أهل الأمصار والنزاع بين القبائل غزوا حرم الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأحدثوا فيه الأحداث، واستوجبوا لعنة الله ورسوله، مع من نالوا من قتل إمام المسلمين عثمان رضي الله عنه، فلذلك خرجت بالمسلمين، لم يكتف الرسولان بسؤال عائشة بل سألوا طلحة والزبير رضي الله عنهما عن سبب مجيئهما أيضًا ، فعاد الرجلان ليخبرا عثمان بن حنيف بما حدث ، والذي أصر على منعهم من دخول البصرة [28]، فدارت بينه وبينهم معركة عند مكان يسمى الزابوقة[29]، قتل فيها نحو ستمائة من الفريقين ، وعندما وجدوا كثرة القتلى تنادوا إلى الصلح والكف عن القتال [30]وعلم على بن أبي طالب ما حدث فأرسل لهم القعقاع بن عمرو التميمي ليتفاوض معهم وكان قراره الفاصل لهذا الأمر هو التسكين [31]وعاد إلى علي فأعجب علي بموقفه وأشار القوم على الصلح ، ولكن لم يكن رأى ابن سبأ مثل عليًا للصلح بل كان يريد استمرارية إشعال الفتنة واستمرار الحرب والقتال بين الناس [32]، وذكر ابن كثير أن عليًا عاد للبصرة وحدثت بينه وبين طلحة والزبير مفاوضات ، وقد أشار الناس على طلحة والزبير بانتهاز الفرصة من قتلة عثمان ، فقالا أن عليًا أمر بالتسكين  وقد بعثا إليه بالمصالحة على ذلك .

معركة الجمل

  ولكن لم يستمر الصلح وحدث خلاف وقامت معركة الجمل بين علي وعائشة وطلحة والزبير ، واجتمع مع علي عشرون ألفًا ومع عائشة ومن معها نحو ثلاثين ألفًا ،  وكانت نتيجة المعركة أن قتل  فيها طلحة والزبير رضي الله عنهما ولم يكف ابن سبأ عن القتال  رغم أخذ منادي علي بأمرهم عن وقف القتال ولكنهم لم يسمعوا له ، وانتقلت عائشة لهودجها ، وكان أغلب الصحابة اللذين شهدوا هذه المعركة لم يشاركوا القتال بها فكان علي رضي الله عنه وراء جيشه يبكي حال المسلمين ، وكذلك طلحة لم يشارك بل كان جالسًا يبكي حال المسلمين وأصابه سهمًا غدرًا فنزف حتى مات ، وكانت عائشة محاطة بجماعة من أهل الشجاعة والبصائر ، فكان لا يأخذ أحد بزمام الجمل إلا حمل الراية واللواء لا يريد تركها  ،وكان لا يأخذ بالزمام إلا رجل معروف عند المحيطين بالجمل ودافعوا عنها وما إن أحد أقترب من أصحاب علي وإلا قتلوه ، وازداد القتال حتى قتلوا بنو ضبة حوله  وقتلوا الجمل ، وانتهت المعركة بترك أثر نفسي سيء في نفوس المسلمين ، وأمر علي بدفن المسلمين والصلاة عليهم ، وأحسن معاملة إخوانه من الطرف المنهزم ، وحرم سبيهم وأخذ أموالهم [33] ، وبعد إنتهاء المعركة أدخل علي السيدة  عائشة رضي الله عنها في أعظم دار في البصرة وأكرمها ، وعندما أرادت الرحيل جهزها بكل ما تحتاجه من مركب وزاد ومتاع وأخرج معها كل من نجا ممن خرج معها [34] .

معركة صفين 37هـ

  كانت حادثة صفين من الأحداث العظيمة المؤلمة التي عاصرها علي والحسين رضي الله عنهما ، فهي من الوقائع التاريخية التي أخبر عنها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف " لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان يكون بينهما مقتلة عظيمة دعواهما واحدة " ، فكان بعد مقتل عثمان رضي الله عنه أرسلت نائلة زوجة عثمان إلى معاوية بكتاب مع النعمان بن بشير مرفق معه قميص عثمان ممزق وملطخ  بدمه وعقدت في زر القميص خصله من شعرلحيته كان قد قطعها أحد قاتليه وفي الشعر شيء من جلد وجهه وخمسة أصابع من أصابعها التي قطعت وهي تدافع عنه طالبة من معاوية أن يعلقهم بالمسجد الجامع في دمشق  ، واستلم معاوية الكتاب من النعمان بن بشير وقام بعرضه على الناس من المنبر ويلوح بيه ويبكي الناس حتى طالبوا بأخذ ثائر عثمان رضي الله عنه من قتلته من الخوارج وهم عبادة بن الصامت وأبو الدرداء[35] ، وكان معاوية بن أبي سفيان واليًا على الشام في عهد عمر وعثمان رضي الله عنهما ، وقد أرسل علي عندما تولى الخلافة  لمعاوية جرير بن عبد الله يدعوه لبيعته وكتب معه كتابًا إلى معاوية يعلمه باجتماع المهاجرين والأنصار على بيعته ، ويخبره بما حدث في موقعة الجمل ويدعوه للدخول فيما دخل فيه الناس ، وأخذر معاوية الخطاب واستشار عمرو بن العاص ورؤوس أهل الشام  لمبايعة علي لكنهم رفضوا  أخذ البيعة  لعلي إلا بعد أن يأخذ بثائر عثمان رضي الله عنه ، وإن لم يفعل قاتلوه ولم يبايعوه، وقالوا لا نبايع من يؤوي القتلة [36] ، فعاد جرير لعلي وأخبره بما حدث ، ثم بعث معاوية برسالة مع رجل لعلي ، فقال له الرجل جئتك من قوم لا يريدون إلا القود، وقد تركت ورائي ستين ألف شيخ يبكون تحت قميص عثمان وهو على منبر دمشق ، فقال علي : اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان [37] وأمر بتجهيز جيشًا ضخمًا حوالي تسعين ألفًا وكان معاوية في مائة وعشرين ألفًا وقيل العكس [38] ، وخرج علي إلي النخيلة على مقربة من الكوفة وأنضم إليه رجال من  أهل العراق وبعث علي من النخيلة زياد بن النضر الحارثي طليعة في ثمانية آلاف مقاتل وبعث شريح بن هانيء في أربعة آلاف ، ثم خرج علي بجيشه إلى المدائن وانضم إليه مقاتليين برأسهم سعد بن مسعود الثقفي ، وسلك علي رضي الله عنه  طريقه  للموصل وأتته الأخبار بأن معاوية قد خرج لملاقاته وعسكر بصفين فسار على إلى صفين ،[39] وسار معاوية في جيش ضخم ، وبعث معاوية في مقدمة جيشه أبي الأعور السلمي صفين وعسكر هناك، وفوجئ أهل العراق بمنع معاوية عنهم الماء  فسرعوا لعلي ليخبروه بالأمر، فأرسل علي إلى الأشعث بن قيس فخرج في ألفين ودارت أول معركة بين الفريقين انتصر فيها الأشعث بن قيس ، واستولى على الماء[40] . وهناك روايات تنفي حدوث هذا القتال من أصله[41] ، وقيل أن أول القتال كان في شهر ذي الحجة واستمر القتال متواصلًا طيلة هذا الشهر وكان على شكل كتائب صغيرة تحاشيًا لتلقى الجيش الكبير خشية الهلاك وأملًا في وقوع صلح بين الطرفين ، وعندما دخل شهر محرم كان بادر الفريقان الموادعة والهدنة طمعًا في الصلح [42]، إلا أن الحرب عادت مرة آخري وكان التحام كلي بين الجيشين ، وكان قتالًا شديدًا في صفر واستمر القتال وفي نهاية الآمر عندما رآي عمر بن العاص أن أمر العراق قد أشتد خاف على القوم من الهلاك ، فكاد الناس أن يفني بعضهم بعضًا ، فقال لمعاوية : ندعوهم لكتاب الله أن يكون حكمًا بيننا وبينكم ، من لثغور أهل الشام بعد أهل الشام ومن لثغور العراق لأهل العراق [43]، فلما رآي الناس المصاحف قد رفعت قالوا : نجيب إلى كتاب الله عز وجل وننيب إليه ، فاستجاب علي رضي الله عنه لنداء الصلح، وأوقف القتال ، وقال نعم بيننا وبينكم كتاب الله أنا أولى به منكم[44]، ولجأ الفريقان إلى التحكيم وهكذا وهكذا انتهت الفاجعة الكبرى، التي راح ضحيتها آلاف من النفوس الطاهرة ، وكان منهم الصحابي الحليل عمار بن ياسر والذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم " ويح عمار تقتله الفئة الباغية "[45]، واتفق الطرفان على أن يرسلا حكمًا من كل منهما فقال أهل الشام أخترنا عمرو بن العاص ، واختار أهل العراق أبا موسى الأشعري ، فتفرق أهل صفين حين حكم الحكمان ، وكتب في ذلك كتاب وأشترطا أن يرفعا ما رفع القرآن ، ويخفضا ما خفض من القرآن وأن يختارا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم وأنهما يجتمعان بدومة الجندل ، فإن لم يجتمعا لذلك ، اجتمعا من العام المقبل بأذرح ، وكان ذلك لثلاث عشرة ليلة خلت من صفر سنة سبع وثلاثين [46] .

معركة النهروان 38هـ

  بعد التحكيم الذي جرى في حرب صفين كان عدد من جيش الإمام علي رضي الله عنه رافضًا وقف القتال والاستجابة إلى دعوة أهل الشام ومنهم أكثر قادته وخيرة صحابه[47]وبين جدال وحوار طويل بين علي وأصحابه توقفت الحرب[48] وعندما وصل علي إلى الكوفة بمكان يسمى حروراء اعتزله كثير من جيشه  وصمموا على التحكيم وإنه تحكيم للرجال قد حكم الله فيه[49] وعزموا على الإنفصال، ثم عرضوا الإمامة على وجوههم فتدافعوا ولم يرض بها أحد منهم وأخيرًا قبلها عبد الله بن وهب [50] وبعدما تمت البيعة اجتمعوا في منزل شريح بن أوفى[51] أشار عليهم بالتوجه إلى المدائن ، إلا أن زيد بن حصن الطائي نصحهم عنها خشية أن يمنعهم من دخولها سعد بن مسعود الثقفي، وإلى علي عليها، ثم أجتمع رأيهم على النهروان وكاتبوا أخوانهم من أهل البصرة يعلمونهم بما اتفقوا عليه وخرجوا إليها خفية ، ﻓﻲ أﺜﻨﺎء ذلك ﻜﺎن علي قد وجه أبي موسى الأشعري إلى أذرح للقاء عمرو بن العاص، واﺠﺘﻤﻊ الحكمان ﻓﻲ ﺠﻤﻊ ﻤن أﺼﺤﺎﺒﻬﻤﺎ ﻹﺼدار الحكم في القضية. ﺘﺘـﻀﺎرب الروايات ﺒـﺸﺄن ﻤـﺎ ﺠـرى ﺒـﻴن الحكمين في ذلك اللقاء وما أسفر عنه التحكيم ؛ وﺘﻔﻴـد ﻜل الروايات أﻨﻬﻤﺎ ﺘﻔرﻗﺎ ولم ﻴﺼﻼ إلى ﺤل ﻴرﻀﻲ الطرفين .  ﻤﻤﺎ ﺠﻌل اﻷﻤﺎم ﻴﺠﻤﻊ ﺠﻨدﻩ ﻤن ﺠدﻴد ﻤﺘﺠﻬﺎ إلى الشام  ﻻﺴﺘﺌﻨﺎف القتال .وﺒﻌث إلى أﻫل النهروان ﻴﻌﻠﻤﻬـم ﺒﻤـﺎ أﺴـﻔر ﻋﻨـﻪ التحكيم وﻴـدﻋوﻫم إلى  الدخول ، لكنهم رﻓــﻀوا دﻋوﺘــﻪ[52] ، ولكن تمكن ابن عباس بأسلوبه إقناعهم وبالفعل تمكن أن يأخذ جماعة من الخوارج التائبين معه إلى الكوفة وسر بهم علي ودعا لابن عباس [53]،  ولكن حدث وأن جماعة من أهل البصرة ممن أرادوا اللحاق بأهلهم في النهروان وكانوا من من رفضوا التحكيم بقيادة مسعربن فدكي التميمي الذي قتل الخباب بن الأرت[54] وقام الأشعث بن قيس بطلب من علي لتغير وجهته بدلًأ من لأهل الشام إلى النهروان والأخذ بثائر الخباب مما جعل عليًا أمر بالقتال وقتل كثيرًا من أهل النهروان[55] .

مقتل علي وولاية الحسن رضي الله عنهما

  قتل علي رضي الله عنه على يد أحد الخوارج وهو عبد الرحمن بن عمرو المرادي المعروف بن ملجم في شهر رمضان لسبع عشر ليلة خلت منه سنة أربعين للهجرة النبوية[56] ومن بعد مقتله بايع أهل العراق الحسين في شهر رمضان من نفس العام فتسلم الحكم لبضعة أشهر، وكانت بلاد الشام تحت ولاية معاوية بن سفيان والتي كان وليًا عليها من قبل عثمان بن عفان رضي الله عنه الذي كان قد رفض مبايعة علي رضي الله عنه حتى يسلمه قتله عثمان للقصاص،لذلك منذ خلافة علي من 35هـ حتي 40 هـ وفي ولاية ابنه الحسن كان هناك قوتان سياسيتان وعاصمتنان للحكم الأول تقوده الخلافة الشرعية وعاصمته الكوفة في العراق والثاني تتزعمه قوة المعارضة وعاصمتها دمشق في الشام ، ولكل منهم جيشه وقوته العسكرية وقد نشبت الحرب من قبل بينهم في صفين ، وكان للحسن دورًا بارزا في هذا القتال بصفين والجمل والنهروان ، وأستمرت خلافة الحسن حوالي ستة أشهر وقيل سبعة أشهر وقيل ثمانية أشهر [57].

صلح الحسن مع معاوية بن أبي سفيان

  كانت الرغبة في الصلح موجودة عند الحسن ومعاوية ، فقد أرسل معاوية عبد الله بن سمرة وعبدالله بن عامر إلى الإمام الحسن رضي الله عنه وهو في المدائن ليفاوضوه في أمر الصلح، كما كانت أيضًا الرغبة لدى معاوية في الصلح منذ اللخظة الاولى لتوليته الخلافة ومبايعة أهل العراق له[58]، وكانت هناك عدة أسباب دفعت الحسن للصلح منها :

1-    كان الحسن يكره الحرب ، ويشفق على الناس من الفتنة[59] .

2-    خذلان كثيرًا من أشراف الناس له ، والتحاقهم بمعسكر معاوية [60].

3-    يأس الحسن من الانتصار على أهل الشام الذين عرفوا بتلاحمهم أمام أهل العراق الذين ظهر منهم الإنقسام والخذلان [61].

4-    رغبته في حقن دماء المسلمين ابتغاء ثواب الله [62].

وقد سمي العام الذي حدث فيه الصلح بعام الجماعة .

شروط الصلح

1-    أن يستلم معاوية إدارة الدولة بشرط العمل بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة الخلفاء[63] ، على أن يكون للحسن من بعده[64] .

2-    الشرط الثاني :أن ﻻ ﻴﺄﺨـذ أﺤــدا ﻤـن أﻫـل العراق ﺒﺈﺤﻨـﺔ .وكذلك أهل المدينة والحجاز، وأن ﻴــؤﻤن اﻷﺴود واﻷﺤﻤر، وﻴﺤﺘﻤل ﻤﺎ ﻴﻜون ﻤن ﻫﻔواﺘﻬم[65] .

3-    الشرط الثالث :  أن يعطيه ما في بيت مال الكوفة وهو خمسة ملايين درهم ، وكذلك خراج أبجر بفارس[66].

4-    الشرط الرابع أن لا يشتم عليًا وهو يسمع وأن لا يذكره إلا بالخير [67]

يرى بعد المؤرخين أن معاوية التزم بشروط الصلح مع الحسن خاصة بالشروط المالية ، ماعدا خراج دار أبجر بفارس، فإن أهل البصرة منعوه [68]. ويذكر ابن الأثير أن ذلك كان بإيعاز من معاوية ، وأن ما ذكره بعضهم أن معاوية كان ملتزم بأن يعيد الخلافة إلى الحسن بعد موته أو للحسين إذا حدث شيئًا للحسن في حياة معاوية[69] فأن أغلب المصادر لم تشر إلى هذا النص إطلاقًا بل بالعكس أن يكون الأمر شورى من بعد معاوية [70]. ولكن الخلافة انتقلت من بعد معاوية لابنه يزيد واستمرت في البيت الأموي إلى أن سقطت علي يد بني العباس سنة 132هـ ولم تعد بعد ذلك للبيت النبوي .

نتائج الصلح

وكانت من النتائج المباشرة للصلح :

1-    استئناف حركة الفتح الإسلامي التي توقفت منذ نهاية خلافة عثمان بسبب انشغال الناس بأحداث الفتنة ، فنظم معاوية حملات ( الصوافي والشواتي) لغزو بلاد الروم حيث قاد حركة الجهاد ضد الدولة البيزنطية ، حيث دوخهم وانتصر عليهم سنة 48[71] هـ لأول مرة ، كما شهد الأسطول تطورًا كبيرًا ، ففتحت جزيرة رودوس سنة 53 هـ[72] .

2-    انتقال العاصمة من الكوفة إلى دمشق[73]، حيث كان الكوفة قد فقدت أهميتها كعاصمة سياسية ،  وإن لم تفقد أهميتها من المعارضة العلوية للأمويين .

3-    انتقال الخلافة إلى معاوية ، ثم استمرارها في البيت الأموي ، الذي لم تخرج منه إلى أن أسقطها العباسيون سنة 132هـ[74].

وفاة الحسين

  توفى الحسين في السنة الخمسين من الهجرة النبوية الشريفة أو التاسعة والأربعين أو الحادية والخمسين[75]. وأختلفت الروايات في طريقة أوسبب موته فقيل في إحدى الروايات إنه قد مات مسمومًا، فقيل أن يزيد هو الذي قد حرض جعدة بنت الأشعث [76] وقيل بل معاوية هو الذي حرض  وأن المرأة هي هند بن سهيل بن عمرو وهي أمرأة الحسين وذلك مقابل مائة ألف دينار على أن تسقيه شربة بعث بها إليها ففعلت [77].

  ولكن لم يكن لنا أن نجزم أن الذي فعل ذلك معاوية ، فلم يثبت صحته وشرعيته أو وجود إقرار يجزم بذلك[78] ، وقيل إن الذي فعل ذلك هم السبئية اتباع عبد الله بن سبأ لأنهم تلقوا صفعة قوية من الحسن عندما وافق الصلح مع معاوية وتنازل له عن الحكم ووضع حدًا للصراع ثم الخوارج الذين قتلوا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وهم الذين طعنوا الحسن في فخده وربما ارادوا بذلك الانتقام لقتلاهم في النهروان ، ولما اتته الوفاة أوصى الحسن أخاه الحسين أن لا يخرج على الخليفة بعد معاوية وأن لا يتسبب في سفك دماء المسلمين[79] وطلب منه أن يدفن في حجرة عائشة بعد أن يستأذنها فأن كرهت ذلك كرها يحمل ليدفن بجوار أمه في البقيع[80] وهذا إن دل على شيء فهويدل على إنه لا يريد أن يحدث خلاف بين المسلمين بسببه ، وبالفعل وافقت عائشة ودفن في حجرتها  بجوار جده وأبي بكر وعمر وزيري جده رضي الله عنهم [81].

الحسين بن علي رضي الله عنه

  اتسمت علاقة الحسين بن علي بالسلطة الأموية بكونها علاقة إعتيادية يشوبها الحذر والترقب، وكان الحسين يأخذ عطاؤه من الأمويين كما يستلم منهم الهبات والجوائز مثله مثل بقية الهاشميين وهو حقهم الطبيعي الذي أكده الإتفاق بين الحسن ومعاوية [82]، ولكن كان موقف الحسين قد ظهر تجاه معاوية من بعد تنازل الحسن عن الحكم لمعاوية حيث كان من الخمسة الكبار الذين رفضوا البيعة باعتبارها بدعة في مؤسسة الخلافة المبنية على الشورى ومبدأ اختيار الأمة . وبعد وفاة معاوية سنة 60 هـ / 680 م طلب والي المدينة عتبة بن أبي سفيان من الحسين بن علي المجيء إلى دارالإمارة وإعلان بيعته ليزيد ، فذهب الحسين وأشار أن البيعة لابد أن تكون علنية ويشهدها الناس وتكون شرعية، ثم هرب الحسين إلى مكة ملتحقًا بعبد الله بن الزبير[83]، وإن جئنا من جهة آخرى سنجد أن موت معاوية كان مصدر بهجة لأهل الكوفة الشيعية العلويين ، حيث أرسلوا في التو رسائل ووفود إلى الحسين لتدعوه إلى القدوم وإعلان ثورته ، ولكن رآي الحسين إنه من المناسب إرسال ابن عمه مسلم بن عقيل ليرى الوضع بنفسه ويكتب له ، وقد نجح مسلم في جمع الأتباع والعهود وتكلم في مسجد الكوفة تحت سمع و بصر واليها النعمان بن بشير الأنصاري ، وحين وصلت الأخبار إلى الخليفة يزيد بن معاوية عزل والي الكوفة وأمر عبيد الله بن زياد أن يتسلم الكوفة إضافة إلى البصرة مما أفشل محاولة تنظيم حركة تؤيد الحسين ، بل أن وياد أعتقله وقتل في ذي الحجة سنة 60 هـ / 680م. وقرر الحسين بعد تلك الأخبار التي وصلته المسير إلى العراق رغم تحذير محمد بن الحنفية وعبد الله بن العباس له  وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عبد الزبير له[84] .

  إتخذ عبيد الله بن زياد إجراءات شديدة في الكوفة ومنع الدخول والخروج إليها وحرك جيشه باتجاه الحسين ، رغم أن الحسين حاول العوده بعد موت ابن عمه مسلم وهانيء بن عروة ولكنه لم يتمكن بعدما أحاطت به قوات الأمويين ، وبدأ الحسين يتفاوض معهم على ثلاثة خيارات أن يتركوه يذهب للجهاد في سبيل الله أو يتوجه لمقابلة يزيد بن معاوية  أو يعود من حيث أتى ، ولكن الطلب رفض ، فكانت المعركة غير المتكافأة ، ومنع الحسين واتباعه من الماء ثم خطب في أتباعه الذين لم يتجاوز عددهم السبعين مقاتلًا معلنًا استياؤه من أهل الكوفة الذين خذلوه ثم استشهد مع ابنائه وأبناء عمومته، وأخيه العباس بن علي ومجموعة من الطالبين والجعفريين والعقيليين ولم يبق منهم سوى ابنه علي الأصغر ( زين العابدين ) . وكانت ردود الفعل لاستشهاد الحسين رضي الله عنه عاطفية جياشة ولكن لم تكن تواتيهم الفرصة لأخذ ثائر الحسين بسسب إنقسامهم [85]، ثم أتت الفرصة لهؤلاء النفر من الشيعة النشطين بعد حوالي عشر سنوات من تسلم الأمويين السلطة حين تحركوا بقيادة حجر بن عدي الكندي في الكوفة بالعراق سنة 52هـ / 671م، وكانت حركته سياسية بحتة عبرت عن سخط العلويين على سيطرة الأمويين على الخلافة واستلابهم حق آل علي في الأمر [86].

حركة التوابيين والحركة المختارية

  كان لأثر مأساة كربلاء على أهل الكوفة حين ندموا بعد فوات الأوان على خذلانهم الحسين فصمموا على الأخذ بثأره فكانت حركة التوابين بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي حيث التحموا مع الجيش الأموي في معركة عين وردة سنة 64 هـ / 683م فقتل أغلبهم مع زعيمهم الذي سار باختياره إلى الموت في معركة هي الآخرى غير متكافئة ، على أن الحركة التي رفعت شعار التوابين نفسه " يالثارات الحسين " والتي تزعمها المختار بن عبيد الله الثقفي 66هـ/ 685م . وكانت تختلف تمامًا في طبيعتها ومغزاها عن الحركات التي قبلها وأثرت تأثيرًا ملحوظًا في تطور حركة الشيعة العلوية [87] ، وكانت من أبرز معالم شخصية المختار الطموح والنزعة الفردية غير الملتزمة والشجاعة الفائقة ، هذا إلى جانب ذكاء فطري جعله يدرك تمامًا مفاهيم العصر الذي يعيش فيه ، كل ذلك إضافة إلى الظروف التي ساعدته ليتطلع إلى الزعامة السياسية في فترة قلقة ومضطربة ، ولم يكن المختار من أنصار العلويين في بداية حركته ، بل كان سياسته براغماتيكيًا وأدرك أن مفاتيح نجاحه في العراق يكمن في التودد للعلويين وإظهار تعاطفه مع قضيتهم ورفع شعار الثأر للحسين وهذاكان سببًا في نجاح حركته في بادىء الأمر ، ولكنه فشل في احتواء الحركة الشيعية بالعراق وأساء التقدير ، والسبب الأول لفشله هو أبعاده الأشراف ذوي النفوذ من العرب ومحاولة إعتماده على الضعفاء من الموالي والعرب حيث لم يستطيع أن يحقق النصر بهم [88]

حركة زيد بن علي ( زين العابدين ) والفرقة الزيدية     

  زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الملقب بحليف القرآن وكانت أمه أمة سندية ، وقد عده أتباعه شهيدًا بعد ثورته ضد الأمويين[89].

كان زيد بن علي رضي الله عنه أول من تحرك ضد الأمويين بعد مأساة كربلاء سنة 61 هـ / 680م معلنًا نفسه إمامًا في الكوفة ، ورغم أن آلاف الأتباع أعلنوا له يمين الطاعة لم ينضم إلى ثورته حين أعلنها سوى فئات قليلة ، لم يكن كلهم من الشيعة الزيدية بل من الخوارج وفئات من المتذمرين من سياسة الأمويين حيث لم  يكونوا في ميولهم السياسية مع العلويين ، وحينما أعلن زيد حركته في الكوفة سنة 122هـ / 739م كان والي الأمويين مستعدًا له وبعد قتال لعدة أيام في شوارع الكوفة جرح زيدًا قاتلًا حيث مات على أثره في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك [90].

نتيجة الحركات المعادية للدولة الأموية

على آية حال ، فإن جميع الحركات التي ذكرناها لم تحقق الأهداف التي سعت من أجلها ، وإن كانت قد حققت نجاحًا فإن ذلك يتمثل في :

1-    تعطيلها لكثير من حركات الفتح التي كان الأمويون يخططون لإنجازها سواء في جبهة القسطنطينية أو بلاد المغرب أو بلاد ما وراء النهر .

2-    ألحقت اضرارًا كبيرة في الإقتصاد الداخلي من صناعة وزراعة وتجارة، مما كان له أثر كبير في تأخير تقدم جوانب حضارية متعددة سواء كانت عمرانية أو ثقافية أو إقتصادية .

3-    عملت على زعزعة هيبة الخلافة الأموية .

4-    أفسحت المجال أمام الحركة العباسية لتنظم نفسها وتعد للأمر عدته [91] .

الدعوة العباسية الشيعية

  العباسيون هم أحفاد العباس بن عبد المطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم وكان للعباسيين طموحًا سياسيًا للوصول إلى السلطة ، وأختلف المؤرخون في تتبع جذوره التاريخية ، ولكننا نستطيع القول بأن إدعاء العباسيين بحقهم في الخلافة مر بمرحلتين مختلفتين تتميز كل منهما عن الآخرى من حيث الأهمية [92]، ففي فترة الدعوة السرية ضد الحكم الأموي تلك الفترة التي كان الدعاة العباسيون فيما يهدفون إلى كسب أكبر عدد ممكن من المعارضين للسلطة الأموية ، ورفعت الدعوة شعارات عامة مثل " حق أهل البيت أو بني هاشم في حكم الجماعة الإسلامية بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وفي هذه الفترة نادى الدعاة العباسيون بأن حق العباسيين في الخلافة يرجع إلى وصية أبي هاشم عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب ، وهذا يعني بأن العباسيين قد ورثوا حقهم في الخلافة من الفرع الحنفي لأن محمدًا كان يسمى محمد بن الحنفية نسبة إلى أمه خولة الحنفية ، من العلويين بصفة شرعية ، ولكن ما أن نجحت الدعوة وتأسست الدولة الجديدة حتى تناسى العباسيون روابطهم بأبي هاشم ومنظمته السرية " الهاشمية" وبدأوا يؤكدون بأن حقهم في الخلافة يرجع إلى العباس بن عبد المطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم ووارثه[93].


وصية أبي هاشم ( الصحيفة الصفراء)

  أستحدثت حركة المختار بن عبيد الله الثقفي بأن محمد بن الحنفية هو المهدي المنتظر ، ثم ادعى المختار النبوة، وقد انتقلت الإمامة من الفرع الفاطمي من الحسن والحسين رضي الله عنهما ، إلى محمد بن الحنفية ، وأختلفت الآراء في كيفية انتقال الإمامة أو الخلافة للفرع العباسي إلا ان المؤرخون اتفقوا على أن الحقيقة التاريخية للوصية وتذكر أنه في 97 هـ  /715م – 98 هـ - 716 م كان أبو هاشم في طريق عودته من الشام إلى الحجاز بعد زيارته لسليمان بن عبد الملك ، وقد تمرض أبو هاشم إما بسبب السم الذي دبره له الخليفة الأموي أو بسبب مرض طبيعي وكان في منطقة الشراة ولذلك أمر أصحابه أن يعرجوا به إلى الحميمة مقر العباسيين ، فأوصى هناك لمحمد بن علي العباسي وجعله إمامًا لأنه أعلم من[94] غيره وكيف لا وقد أخذ محمد العلم على يدي أبي هاشم نفسه ، وقد حول محمد العباسي المنظمة الهاشمية إلى منظمة عباسية صرفة [95]، والجدير بالذكر أن عددًا من المؤرخين لا يقتنعون بصحة مسألة تنازل العلويين عن حقهم في الخلافة لأبناء عمومتهم العباسيين ، فقد كان من حق العباسيين الإفصاح عن تنازل أبي هاشم لمحمد بن علي العباسي حال وقوعه ، أما لجوئهم إلى استخدام شعار آل البيت وآل محمد ، فكان التمويه أو التعمية عن الشيعة أنفسهم ، وهذا دليل أيضًا يقوض فكرة التنازل ، ويرى بعض الباحثين أن لجوء العباسيين إلى التشبث بميراث جدهم السياسي عن رسول الله ، ويطرح بعض الباحثين لهذه الإشكالية ، فذكر أن العباسيين وجدوا حزبين متعارضين يتصارعان على السلطة هما : الأمويين والعلويين ، فوجه العباسيون نشاطهم السياسي نحو العلويين وذلك لقرابتهم للرسول ، ثم جاءت وفاة أبي هاشم دون أن يعقب ، فاستغلوا الفرصة واندمجوا في الدعوة الشيعية ، واشاعوا موضوع التنازل ، لتطلعهم إلى الخلافة [96].

محمد بن علي العباسي وتنظيم الدعوة السرية 97-125 هـ

    كان محمد بن علي العباسي المنظم الأول للدعوة العباسية، وكان يسكن الحميمة [97] ولكنه جعل مركز دعوته بالكوفة، ليصرف نظر الأمويين وأنصارهم عن المركز الرئيسي التنظيمي[98]، ولكنه نقل الدعوة إلى خراسان حيث تجمع كل العناصر المعارضة للدولة الأموية هناك، ولم يتخذ العراق أو الشام أو الحجاز لميل أهلها للأحزاب الآخرى، فالكوفة علوية، والبصرة عثمانية، والجزيرة حرورية، والشام أموية، والحجاز أهلها أميل لأبي بكر وعمر بن الخطاب [99] .

 وكان الدعاة يبلغون أخبارهم إلى الداعية القائم بالكوفة ، فينقلها بدوره إلى الإمام محمد بن علي بالحميمة ، فكان محمد بن خنيس وأبو عكرمة السراج وآخرون يرسلون إلى  ميسرة داعية الكوفة بكتب من استجاب لهم ، فكانوا يدعون إلى بني هاشم ويذكرون سيرة بني أمية وظلمهم [100].  وذكر ابن الأثير أن ميسرة الداعي بالكوفة وجه رسله على هيئة التجار من العراق إلى خراسان في سنة 102 هـ ، فظهر أمر الدعاة بها [101].

قيادة إبراهيم الإمام للدعوة السرية 125 – 129 هـ  

  زاد تفاقم أمر شيعة العباسيين  حتى توفى محمد بن علي العباسي في سنة 125 هـ / 742م ، فقام مكانه ولده إبراهيم وكان قد عهد إليه بالأمر وأوصى الدعاة بذلك ، وكانوا يسمونه الإمام ، فوجه إبراهيم الإمام أبا هاشم بكير بن هامان  إلى خراسان بنعي محمد بن علي العباسي والدعاء لإبراهيم  سنة 126 هـ ، فنزل بمرو ودفع الشيعة والنقباء بالوصية والسيرة ، فقبلوه ودفعوا إليه ما اجتمع لديهم من نفقات الشيعة ، فقدم بها بكير إلى إبراهيم [102] ، وذكر ابن الأثير أن جماعة من الدعاة العباسيين منهم : سليمان بن كثير ، وقحطبة بن شبيب ، توجهوا إلى مكة فلقوا ابراهيم الإمام بها سنة 127 هـ ، وأوصلوا إلى مولى له يدعى عروة عشرين ألف دينار ومائتي ألف درهم ومسكًا ، وكان معهم أبو مسلم الخراساني ، فأهداه سليمان بن كثير إلى إبراهيم الإمام يستخلف أبا سلمة الخلال ، فكتب إبراهيم لأبي سلمة أن يقوم بأمر أصحابه ، وكتب لأهل خراسان يخبرهم أنه قد أسند أمرهم إليه ، فمضى أبو سلمة لخراسان وقبلوه ودفعوا إليه ما أجتمع قبلهم من نفقات الشيعة وخمس أموالهم[103].

  عقد الهاشميون ( علويون و عباسيون) في الأبواء قرب مكة 127هـ  ، فبعد الخليفة الوليد بن يزيد سنة 126هـ ، اهتز كيان الدولة الأموية وزادت الشكوك للوثوب على  عرش الخلافة ، فزاد ذالك من آمال الهاشميين وغيرهم ، وقد حضر هذا الاجتماع شخصيات علوية وعباسية ، وقد ذكرت المصادر ان عبد الله المحض دعا الحاضرين إلى البيعة لابنه محمد المهدي ولكن اعترض ذلك جعفر الصادق وامتنع عن مبايعته بل ومال إلى العباسيين ، وكان ذلك له آثر على إنقسام المجتمعيين فانفضوا دون أخذ قرار حاسم ، وتذكر رواية آخرى أن عبد الله المحض نفسه بعد أن قابل وفدًا من أهل خراسان، اعترف بأفضلية بني العباس وقدرتهم على القيام بالأمر[104] .

  كان الدعاة في خراسان طلبوا من إبراهيم الإمام أن يرسل ممثلًا عنه في خراسان ، وذلك للتمهيد  لإعلان الثورة العباسية على الأمويين ، فوجه إليهم مولاه أبا مسلم ، وكتب إلى النقباء ولكنه رفضوا قوله[105] ، وذكر الطبري  سبب رفض داعاة خراسان لرئاسة أبي مسلم عليهم ، فذكر أنه قدم خراسان وهو ، حديث السن ، فلم يقبله سليمان بن كثير وتخوف ألا يقوى على أمرهم وخاف على نفسه وأصحابه فردوه [106]. وقد أختلفت المصادر حول أصل أبو مسلم وأوليته، ولكن أفاد الطبري أن ابتداء أمره كان في سنة 124 هـ ، فذكر أن جماعة من شيعة بني العباس  قدموا الكوفة في طريقهم إلى مكة ، فاشترى بكير بن ماهان أبا مسلم من عيسى بن معقل العجلي [107]، ثم كما ذكرنا إنه قد أهدي أبو مسلم كمولى للإمام إبراهيم .

  ووفد جماعة من الدعاة العباسيين إلى مكة ومنهم أبو مسلم وقد أخبر الإمام إبراهيم رفض أهل خراسان لأمره، ففوض الإمام إبراهيم إنه فوض بعض  الشخصيات العباسية للقيام بدوره في خراسان ، فاعتذروا ، وكان إبراهيم الإمام قد رفض أن يعهد إلى أبي مسلم مع سليمان بن كثير، وقال لا إلى اثنين أبدًا ، وأعلم دعاته بخراسان بقبول رئاسة أبي مسلم، فأجابوا وولوه أمرهم، وسمعوا له وأطاعوا وقبلوا بما جاء به [108].

 توجه أبو مسلم إلى خراسان فأظهر قدرات كبيرة في ثبات الرأي ، وحسن التنظيم ، والقدرة على انتهاز الفرص ، والاستفادة من جهود الدعاة السابقين ، وأظهر من المرونة السياسية تارة والشدة تارة آخرى مما أدى إلى نجاح الثورة الشيعية  العباسية[109] ، وقام أبو مسلم بعدما رسخ قواعده بجولة في غرب خراسان في سنة 129 هـ ليتصل بالقوة الشيعية ، وليستميل رؤساءهم كمقدمة للاستعداد لإعلان الثورة المسلحة[110] ، وتمكن أبو مسلم بنشر دعوته في جميع أقطار خراسان [111] ، وتمكن من استقطاب المقاومة العلوية إلى صفوفهم ، واظهروا غايتهم الأولى وهي قلب الدولة الأموية ، وأخفوا غايتهم الأصلية وهي سعيهم لأخذ الخلافة[112]، وكان شعارهم الرضا من آل محمد ، وأن الدعوة ليست للعباسيين بل لإمام غير معلوم من آل البيت يتفق عليه، وتجنب الدعاة العباسيون كل ما يبين أنه قاموا ليغتصبوا حق العلويين ، بل أعلنوا في مناسبات كثيرة أنهم جاءوا ليثأروا لم استشهد منهم[113]، وهكذا تهيأت للدعوة العباسية فرص النجاح قبل أن تصطدم عسكريًا بالأمويين ، لأسباب كثيرة : بعضها متعلق بالعباسيين أنفسهم ، على رأسها التنظيم العقائدي المحكم للدعوة العباسية السرية ، وأسباب آخرى خارجية وداخلية أدت إلى تصدع دعائم الدولة الأموية مما سهل على العناصر الثورية سهولة قلب نظام الحكم ، ومن هذه العوامل : انتشار الإسلام بين الفرس واشتراكهم في الحركات الثورية زمن الأمويين ، وكان لتحالفهم مع الشيعة أعظم الأثر في نجاح الثورة العباسية وانتصارها في النهاية ، وكانت موجات الإستياء ضد الحكم الأموي والمنازعات الداخلية في الدولة الأموية من أهم عوامل الانتفاض ضدهم وتمهيد الأرض أمام الدعوة العباسية للانتشار[114] .

تحول الدعوة السرية إلى ثورة سلحة سنة 129 هـ

  كتب إبراهيم الإمام إلى أبي مسلم أن يوافيه موسم الحج سنة129 هـ ، ليسأله عن أخبار الناس ، فذهب أبو مسلم ومعه  سبعين نفسًا من نقباء الشيعة، فلما وصل قومس أتاه كتاب إبراهيم بالرجوع إلى شيعته بخراسان ، وأمرهم بإظهار الدعوة والتسويد ، كما أرسل إبراهيم أيضًا كتابًا إلى سليمان بن كثير ، يأمره بإعلان الثورة ، فنصب الدعاة أبا مسلم ، ودعوا لطاعة بني العباس ، واتصلوا بأنصارهم في مختلف المناطق ، فأمروهم بإظهار أمرهم والدعاء إليهم ، وكان ذلك في أول رمضان 129 هـ[115]. ونزل أبو مسلم قرية يقال لها سفيذنج مقر سليمان بن كثير ، فجعلها مركزه الأول للثورة واعتقدوا اللواء الذي بعث به إبراهيم الإمام إليه ويدعى بالظل على رمح طوله ثلاثة عشر ذراعًا، ورفعوا أيضًا الراية ( السحاب) ولبس أبو مسلم وسليمان بن كثير ومواليهما السواد ، وأوقدوا النار وكانت العلامة بين الشيعة في يوم 25 رمضان 129هـ[116] . وبث دعوته فأتاه الناس من كل الأنحاء ومن بلاد ما وراء النهر وقد لبسوا السواد ، وقد أمر دعاته بالدفاع عن أنفسهم إذا حدث لهم أذي ، وقد أثمرت مجهودات أبو مسلم بالتوفيق ، فقد وافاه أهل ستين قرية في يوم واحد [117]، وقد ثار مع أبي مسلم أيضًا بعض أبناء الأسرات العربية الذين نكبهم الأمويين ، ومنهم المهالبة ، فهم لم ينسوا ما حل بهم من مذابح ونكبات وتهميش على أيدي الأمويين ، فتعاونوا مع الدعاة العباسيين للقضاء على الدولة الأموية ، فثاروا على ولاتهم في السند [118] وفارس والأهواز سنة  129 هـ. وانضم بعضهم إلى أبي مسلم الخراساني في قتال جيوش الأمويين[119] .

 تمكن أبو مسلم الخراساني من فتح مرو وانتصر على واليها الأموي سنة 130 هـ ،ومضى لقصر الإمارة وأمر بوقف القتال ، وصفت مرو لأ[ي مسلم ، فأمر بأخذ البيعة من الجند، وكان فيها نوع من التكتم وعدم ذكر الإمام وذلك لإستقطاب الفرق التي تميل إلى العلويين وخشيه من أن يتخلص بني أمية من الخليفة العباسي [120] .

وعندما تم فتح مرو بدأ النضال المسلح بين أبي مسلم وأعداؤه من الخوارج والأمويين ، وكان الخليفة الأموي مروان بن محمد مشغولًا بإخماد ثورات الخوارج ، وكتب ردًا لكتابات ولاته الذين استنجدوا به من أبي مسلم  ، بأن يحفظ كل منهم وجهته وولايته من هجمات العباسيين ، فكتب لنصر بن سيار بنيسابور ويزيد بن عمرو بالعراق ، كما أنه أمد نصر بن سيار بعدة من الرجال ولكنهم لم يلبثوا وهزموا أمام جيش العباسيين بقيادة قحطبة وابنه الحسن  سنة 130 هـ وهرب نصرإلى همدان وتوفى شريدًا في ساوة 130 هـ ، واخضع العباسيين الري ، وأصبهان ، ومدان ، ونهاوند  وجرجان[121]، وقد غضب العباسيين من أهل جرجان بسبب وقوفهم إلى جانب الجيش الأموي ، وهذا إن دل دل على أن الثورة العباسية لم تكن ثورة الفرس على الأمويين، وبالتالي أصبح بعد إخضاع جرجان الأمر يسيرًا للوصول للعراق[122] .

ومن جهة آخرى طلب الخليفة مروان بن محمد إبراهيم الإمام من الحميمة ، لما بلغه أن دعوة أبي مسلم له وأنه الذي يؤهل لهذا الأمر ، وقد علم مروان بأمر إبراهيم الإمام من خلال كتاب قد وقع في يده لإبراهيم إلى أبي مسلم ، وكان قد أمره فيه بقتل كل من يتكلم العربية بخراسان[123] فأمسكه وقيده بحران في شمال العراق سنة 131هـ، فعلم إبراهيم أن لا نجاة له من الخليفة مروان، فأثبت وصيته وجعلها لأخيه أبي العباس عبد الله بن محمد، وأوصاه بالقيام بالدولة والجد والحركة ، وألا يكون له بعد الحميمة لبث ولا عرجة حتى يتوجه إلى الكوفة ، فإن هذا الأمر صائر إليه لا محالة، وأنه بذلك أتتهم الرواية ، ودفع الوصية إلى مولاه سابق الخوارزمي وإن حدث له سوء من قبل مروان بن محمد أن يجيد السير إلى الحميمة ويدفع الوصية لأخيه العباس. فلما وضع إبراهيم في السجن أسرع سابق في السير للحميمة لأخيه العباس ، ونعاه إليه ، فأمره أبو العباس بستر الوصية وأن ينعاه ، ثم أظهر أبو العباس أهل بيته على أمره ، ودعا إلى مؤازرته ومكاشفته أخاه أبا جعفر ، وعمه عبد الله ن علي ، وعيسى بن موسى بن محمد ابن اخيه ، وتوجه أبو العباس مسرعًا إلى الكوفة وأولئك معه في غيرهم ممن خف من أهل بيته [124] . فوجه قحطبة ابنه الحسن على مقدمة الجيش ابن هبيرة ووصلوا للعراق وتمكنوا منها وأعلنوا بيعة أبي العباس [125] ، وقد ساعدت القبائل العربية الجيش العباسي ، فقد دلو على أقصر الطرق وأسلمها إلى الكوفة ، ومن الطبيعي تحول ولاء القبائل من الولاء لبني أمية إلى العباسيين ، فقد أدبروا دولة بني أمية مدبرة ودولة المسودة مقبلة ، وكانوا يأملون منها الخير الكثير [126] .

نجاح الثورة العباسية وبيعة أبي العباس بالخلافة في الكوفة 132هـ

  كانت شخصية أبو العباس قوية ، وكان لذلك تأثير في توليه العهد له قبل أخيه أبي جعفر، وكان ابن العباس ملازمًا لأخيه إبراهيم بالحميمة، بينما كان أبو جعفر يتجول بين بلد وآخر في العراق وخراسان، بالإضافة إلى أن أم العباس كانت عربية [127] . وقدم أبو العباس الكوفة سرًا وأقام في محرم سنة 132هـ ، والمسودة مع أبي سلمة بالكوفة ، وأخفى أبو سلمة أمر أبو العباس ومن معه ووكل بهم وكيلًا[128].

وكانت السيادة في الكوفة للشيعية  العباسية ، فقد دخل الحسن وحميد ابنا قحطبة على رأس الجيش العباسي الكوفة يوم 11 من المحرم سنة 132هـ ، بعد هزيمة ابن هبيرة " واظهروا أبا سلمة وسلموا إليه الرياسة وسموه وزير آل محمد ودبر الأمور"[129]. وأعلن أبو سلمة ثورته في نواحي العراق ، وصارت الدواوين بحضرته والكتب ترد منه وإليه [130] ، وتذكر الروايات إنه أما ظهر أمر أبي سلمة بالكوفة عهد إلى سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب بإعلان الثورة في البصرة على واليها الأموي سعيد بن سلم بن قتيبة ، فلبس السواد شعار العباسيين وأظهر دعوتهم ، وحارب والي البصرة واستولى عليها [131] ، وخاف أبو سلمة الخلال حين بلغه مقتل إبراهيم الإمام ، ورجع إلى ما كان عليه من الدعوة العباسية إلى آل أبي طالب [132] ، فقد خاف انتفاض الأمر وفساده عليه ، فبعث بمحمد بن عبد الرحمن بن أسلم إلى المدينة ، وكتب كتابين على نسخة واحدة إلى جعفر الصادق بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، يدعو كل واحد منهما إلى الشخوص إليه ليصرف الدعوة إليه ، ويجتهد في بيعة أهل خراسان له[133] ، أما جعفر الصادق حين وصله الرسول بكتاب أبي سلمة لم يصدق نواياه ، فهو شيعة لغيره ، وأحرق الكتاب قبل أن يقرأه ، وإنه ليس صاحبهم وأن صاحبهم بأرض الشراة ، فخرج الرسول من عنده وأتي عبد الله بن الحسن فدفع إليه الكتاب ، فقبله وقرأه ، واعتذر بكبر سنه ، وان ابنه محمد أوللى بهذا الأمر ، وخرج لجعفر الصادق وأبلغه بالخبر ، وطلب منه ومن جماعة من العلويين البيعة لابنه محمد ، فرفض جعفر ووصف له ما كان في حرقة من كتاب أبي سلمة وأن لا يعض ابنه محمد إلى خطر ، فاتهمه بالحسد منه ، وانصرف مغضبًا منه ، ولم ينصرف رسول أبي سلمة إليه إلى أن بويع السفاح بالخلافة[134] .

أبلغ أبا حميد الطوسي جماعة من أهل خراسان أن أبار سلم كتب لهم ليبايعوا السفاح ، وذهبوا ليبايعوا السفاح ولكن في الواقع لم يكن  أبي سلمة بعث لهم ، ولكنه ذهب لمبايعته ، ودخلوا الكوفة في أحسن زي ، وقدمت الخيول ، وركب أبو العباس ومن معه حتى أتوا قصر الإمارة ، ثم خرج أبو العباس إلى عسكر أبي سلمة فنزل بحرجته ، واستخلف على الكوفة  عمه داوود بن علي ، وبعث بعمه عبد الله بن علي إلى أبي عون عبد الملك بن يزيد ، فسارا معًا إلى مروان بن محمد ، فهزموه بالزاب قرب من الموصل [135] .

وقد لعبت القبائل العربية في الموصل دورًا مهمًا في حسم تلك المعركة لصالح الجيش العباسي ، فقد سودوا ، وأغلقوا أبواب المدينة في وجه الخليفة مروان بن محمد  ، فاضطر إلى الإنسحاب إلى الشام ، وفتحت الموصل أبوابها للجيش العباسي واستقبلوه بالتهليل [136] .


 الخاتمة

بعد دراستنا لموضوه الدراسة الشيعة توصلنا للنتائج التالية :

1-    بدأت الخلافات حول وراثة الخلافة عن الرسول صلى الله عليه وسلم من وقت دفنه وبدأ ظهور مشيعين على بن أبي طالب وإنه احق من غيره للخلافة لقربه من محمد صلى الله عليه وسلم .

2-    طعن الشيعة في أبي بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما .

3-    بداية ظهور الفتنة بعد وفاة عمر بن الخطاب وبداية عهد عثمان بن عفان واستمراها إلى عهد علي بن أبي طالب .

4-    أن بذور الفتنة نتجت من شخص يدعي عبد الله بن سبأ وهو يظهر الاسلام ويبطن اليهودية فكان اصل الفتنة بعيد كل البعد عن الأصل الديني الإسلامي .

5-    لم يسلم معاوية بن سفيان من طعن الشيعة كونه كان وليًا لعثمان على الشام وصلة القرابة بينهم .

6-    كانت معركة الجمل وصفين بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة للمسلمين وحدث انقسام بينهم .

7-     كان الحسن رضي الله عنه مسالمًا مقارنة بأخيه الحسين ، حيث تصالح الحسن مع معاوية على أن معاوية يأخذ الخلافة ثم يوليها للحسن من بعده ولكن لم يلتزم معاوية باتفاقه مما أدى لحدوث موقعة كربلاء واستشهاد الحسين .

8-    حدثت الكثير من الثورات الشيعية في عصر الخلافة الأموية منها ثورة التوابين وثورة المختار ، وثورة زين العابدين .

9-    كان للدولة العباسية دورًا في جذب الشيعة لهم وذلك ليأخذوا الأحقية الشرعية في الحكم وتمكنوا من اسقاط الدولة الأموية تحت مسمى الدعوة العباسية الشيعية .

 المصادروالمراجع :

[1] عامر النجار، في مذاهب الإسلاميين، الخوارج – الإباضية – الشيعة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2005
[2] النجار، في مذاهب الإسلاميين ، ص 392.
[3]  الإربلي، أبو الحسن علي ، كشف الغمة في معرفة الأئمة،ط1، النجف ، 1965م ، ج2 ص 174.
[4]النجار، في مذاهب الإسلاميين، ، ص 392.
[5] النجار، في مذاهب الإسلاميين ، ص392.
[6]  عامر النجار ، في مذاهب الإسلاميين ، ص 397
[7] قحطان قدوري مجحم ، الحسين بن  علي رضي الله عنهما  مواقفه وأخلاقه، مجلة الأستاذ ، العدد 20 ، 1432هـ - 2012م . ،ص356 .
[8]  البخاري ، الجامع الصحيح  ، تحقيق : مصطفى ديب ، ٣ط ، بيروت، 1407هـ  - ١٩٨٧م ، ج1 ص196 .
[9]الطبري، أﺒــو ﺠﻌﻔــر ﺒــن ﺠرﻴــر ، تاريخ الأمم والملوك ، دار الكتب العلمية ،ط2  ﺒﻴــروت 1408هـ -  1988م ، ج 2 ص471 .
[10]ابن عساكر، تاريخ دمشق الكبير، تحقيق وتعليق وتخريخ : علي عاشور الجنوبي ، ط1 ، دار إحياء التراث العربي، بيروت ، 2001م. ،ج7 ص 428 ،الحسن بن علي مواقففه وأخلاقه،ص356
[11] سليمان بن حمد العودة ، عبد الله بن سبأ وأثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام، ط1 ،دار طيبة ، ص38.
[12] الضبي ، سيف بن عمر الأسدي  (ت299هـ) ، الفتنة ووقعة الجمل ، تحقيق : أحمد راتب عرموش ، دار النفائس،  بيروت ، 1391هـ ، ص55 ، العودة ، عبد الله بن سبأ ، 143- 158 .
[13]الذهبي ، سير أعلام النبلاء ، حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه شعيب الأرنؤوط ومحمد نعيم العرقسوسي ، ط1، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، 1985م ، ص 436 .
[14] الترمذي، أبي عيسى محمد بن عيسى ، سنن الترمذي ، تحقيق وشرح : أحمد شاكر ،ط1، بيروت، 1987م. ،  ٥٨٩/ ٥ ،٠برقم 3710 .
[15] ابن الأثير ،علي بن أبي الكرم محمد بن محمد الجزري، الكامل في التاريخ ، مطبعة دمشق ، دار الفكر، بيروت، 1978م .،ج2 ص 16 .
[16]ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ج2 ص 16 .
[17] إبراھيم بن مالك الأشتر بن الحارث النخعي :قائد شجاع، من أصحاب مصعب ابن الزبير شهد  معه الوقائع  وولي له الولايات وقاد جيوشه في مواطن الشدة .وكان مصعب يعتمد عليه ويثق به، وآخر ما وجھه فيه حرب عبد  الملك بن مروان بمسكن فقتل ابن الأشترودفن بقرب سمراء .والنخعي  نسبة إلى النخع قبيلة باليمن من مذحج ( ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ج5 ص225 ) .
[18] ابن الأثير ، الكامل في التاريخ، ج2 ص 17 .
[19] ابن العربي، أبي بكر  محمد بن عبد الله  ( ت 542 )  ،العواصم من القواصم ، تحقيق محمد مهدي الأستنبولي ، ط2 ، دار الجيل بيروت، ، 1407هـ -1987م ،ص ١٤١ .
[20] ابن العربي ، العواصم من القواصم ، ص 141 .
[21] الطبري ، تاريخ الرسل والملوك ، ص 689 .
[22]  العودة ، عبد الله بن سبأ ، ص167 .
[23] الواقدي، ابن سعد محمد بن سعد كاتب ، الطبقات الكبري ، ط3 ، دار صادر ، بيروت، 1968م ،ج3  ص 13.
[24] ابن كثير ، البداية والنهاية ، خرج أحاديث الشيخ محمد بيومي وآخرون، ط1 ، مكتبة الإيمان ، المنصورة ، د.ت. ، ج7 228-229 . 
[25] الذهبي ، سير أعلام النبلاء ، ج2 ص 193 .
[26] السيوطي ، تاريخ الخلفاء أمراء المؤمنين القائمين بأمر الأمة ، تحقيق د.رحاب خضر عكاوي ، ط1 ، مؤسسة عز الدين للطباعة ، بيروت ، 1992م طبعة القاهرة ، 1351هـ .، ص 166 .
[27] الطبري ، التاريخ ، ج5 ص489 . 
[28] الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج5 ص 489.
[29] ھو موقع قريب من البصرة كانت فيه وقعة الجمل ( الحموي، الأمام أبو شھاب الدين ياقوت  بن عبد الله الحموي،معجم البلدان ، دار صادر، بيروت ، 1957م ، ص)125.
[30] البلاذري ، أحمد بن يحيي البلاذري (ت 279هـ) ، أنساب الأشراف ، تحقيق ، د. محمد حميد الله ، ج1 ، دار المعارف ، مصر ، د.ت، ص 306 .
[31] الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج5 ص 489.
[32] ابن كثير ، البداية والنهاية ، خرج أحاديث الشيخ محمد بيومي وآخرون، ط1 ، مكتبة الإيمان ، المنصورة ، د.ت. ، ج7 ص 265 .
[33] مجحم، الحسن بن علي ، ص 362 .
[34] الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج5 ص 581 .
[35] ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج7 ص 255.
[36]  ابن العربي ، العواصم من القواسم ، ص166.
[37]ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج7 ص 256.
[38] الصفدي، صلاح الدين أيبك، الوافي بالوفيات،  تحقيق رمضان عبد التواب ، عمان ،١٩٧٩، ج6 ص 488 .
[39] الطبري ، التاريخ، ج5 ص604 .
[40] مجحم ، الحسن بن علي، ص362..
[41] الذهبي، سير الأعلام ، ج6 ص 380 .
[42] الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج5 ص614 ، ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج7 ص266 .
[43] ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج3 ص 192-193 .
[44] البلاذري، أنساب الأشراف ، ج3 ص131 .
[45] ابن حجر ، الفتح ، ج1 ص 644.
[46]  مجحم، حسن بن علي، ، ج1 ص 365.
[47] الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج3 ص101 ، ابن كثير ، البداية والنهاية ج7 ص 274.
[48] الطبري، تاريخ الأمم والملوك ، ج3 ص101، ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ج3 ص 316-318 . 
[49] مجحم، حسن بن علي، ص366
[50] عبد الله بن وهب : اختلف في كونه صحابيًا ، ونفي أن يكون عبد الله بن وهب صحابيًا بل كان من أخيار التابعين( ابن حزم ، ( الفصل) ج4 ص238.
[51] شريح بن أوفى من أصحاب علي بن أبي طالب ذكر أبو حسان الزيادي أنه هو  قاتل محمد بن طلحة بن عبيدالله الذي يقال له السجاد ( الدمشقي، تاريخ دمشق، ج5 ص23) .
[52] الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج2 ص117 ، ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج7 ص 278 .
[53] الحكم النيسابوري أبو عبد الله محمد بن عبد الله (ت405هـ) ، المستدرك على الصحيحن ، دار المعر فة ، 1998م، ج2 ص 494.
[54] ابن الخياط، خليفة العصفري ، التاريخ ، ﺘﺤﻘﻴـــق ﺴـــﻬﻴل زﻜــــﺎر ، دار الفكر ،ﺒﻴــــروت  ،1993م  ، ص119.
[55] ابن الآثير ، الكامل في التاريخ، ج3 ص342- 343، ابن كثير ، البداية والنهاية، ج7 ص 288-290 .
[56] الواقدي ، الطبقات ج3 ص37، ابن خياط، التاريخ ص199.
[57] جحيم، الحسن بن علي رضي الله عنه، مواقفه وأخلاقه ، ص 369-370 .
[58] الطبري، تاريخ الطبري، ج6 ص77.
[59] الدينوري، الأخبار الطوال، تحقيق عبد المنعم عامر ، ط1 ، مطبعة عيسى البابي وشركاه ، القاهرة ، 1960م .، ص216 .                   
[60] اليعقوبي الكاتب ، تاريخ اليعقوبي،ط1،  دار بيروت للطباعة والنشر، بيروت، 1980م.، ج1 ص 194 .
[61] ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ص 220-221 .
[62] البلاذري ، أنساب الأشراف ج3 ص 49 ، ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج11 ص 206 .
[63] ابن حجر، أحمد بن حجر المكي الهيثمي (ت 974هـ) ، الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة ، تحقيق : عبد الوهاب  بن عبد اللطيف ، ط2 ، مكتبة القاهرة، مصر، 1385هـ  ، ج2 ص 399. 
[64] السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص194 ، ابن كثير ج8 ص 41 .
[65] الدينوري، الأخبار الطوال ، ص218، ابن عساكر، تاريخ دمشق، ج13 ص 266.
[66] الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج4 ص 122-123.
[67] ابن قتيبة، محمد بن عبد الله بن مسلم ( ت276هـ) ، الإمامة والسياسة ، تحقيق ، د.طه محمد الزين ، مؤسسة الحلبي وشركه للنشر والتوزيع، القاهرة (د.ت) ص185 ، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ، ج3 ص 405 .
[68] ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ج2 ص108 .
[69] السيوطي، تاريخ الخلفاء أمراء المؤمنين القائمين بأمر الأمة ، تحقيق د.رحاب خضر عكاوي ، ط1، مؤسسة عز الدين للطباعة ، بيروت ، 1992م طبعة القاهرة ، 1351هـ ، ص169.
[70] ابن حجر، أحمد بن حجر المكي الهيثمي، الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة، تحقيق: د.عبد الوهاب بن عبد اللطيف،ط2 ، مكتبة القاهرة ، مصر ،1385هـ ، ج2 ص299.
[71] الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج6 ص145.
[72] ابن الأثير ، الكامل في التاريخ، ج2 ص454 .
[73] وذلك بعد أن خلع الحسن نفسه من الخلافة وسلم الملك إلى معاوية  بن أبي سفيان ، وكان ذلك في ربيع الأول  41 هـ ( ابن كثير، البداية والنهاية ، ج8 ص 23).
[74] ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ،ج2 ص454.
[75] ابن عبد البر ، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد (ت 463هـ) ، الأستيعاب في معرفة الأصحاب ، تحقيق علي محمد البجاوي، مكتبة  نهضة ، مصر ، ج1 ص 115.
[76] ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج3 ص48 .
[77]  البلاذري، أنساب الأشراف، ص 375 .
[78] ابن تيمية ، منهاج السنة، ج4 ص 469 .
[79] ابن عبد البر ، الإستيعاب في معرفة الأصحاب ، ج1 ص391 ، الذهبي ، سير أعلام النبلاء ، ج3 ص 275، ابن عساكر، تاريخ دمشق ،ج13 ص 389 .
[80] ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج3 ص44 .
[81] ابن عساكر ، تاريخ دمشق ،ج13 ص289 .
[82] فاروق عمر فوزي، المدخل إلى تاريخ آل البيت منذ فجر الإسلام وحتى مطلع  العصر الحديث، منشورات آل البيت ، عمان، 1998م ، ص115 .
[83] فوزي، المدخل إلى تاريخ  آل البيت ، ص116 .
[84]  ابن عبد ربه ، العقد الفريد ، بيروت، 1953م ، ج4 ، ص93 ، فوزي ، المدخل إلى تاريخ آل البيت ، ص 117 . 
[85] ابن كثير ، البداية والنهاية ، القاهرة، ج8 ، ص 201.
[86] فوزي، المدخل إلىى تاريخ آل البيت ، ص117-118 .
[87] الطبري، تاريخ الرسل والملوك، ج6 ص19 ، البلاذري،أنساب الأشراف، ج2 ص 224، فوزي، المدخل إلى تاريخ آل البيت ، ص118 .
[88]  فوزي ، المدخل إلى تاريخ آل البيت ، ص 118 .
[89] الأصفهاني، مقاتل، ص92، الواقدي ،طبقات، ج2 ص160، فوزي، المدخل إلى تاريخ آل البيت ، ص119 .
[90] فوزي، المدخل إلى تاريخ آل البيت منذ فجر الإسلام وحتى مطلع العصر الحديث ، ص119.  
[91] عمر سليمان العقيلي ، تاريخ الدولة الأموية ،ط2، فهرسة مكتبة الفهد الوطنية، الرياض، 2006م، ص 300.
[92] فوزي، المدخل إلى تاريخ آل البيت منذ فجر الإسلام وحتى مطلع العصر الحديث ، ص209.
[93] فوزي، المدخل إلى تاريخ آل البيت منذ فجر الإسلام وحتى مطلع العصر الحديث ، ص209.
[94] الدينوي، الأخبار الطوال ،ص467-468 ، الطبري، تاريخ الرسل والملوك، ج3 ص 29-30.
[95] فوزي، المدخل إلى تاريخ آل البيت ،ص215 .
[96]  العبادي ، في التاريخ العباسي والفاطمي ، دار النهضة العربية ، بيروت، 1972م  ، ص 20-21 .
[97] الدينوري، الأخبارالطوال ،  تحقيق عبد المنعم عامر ، ط1 ، القاهرة ، 1960م  ، ص359 .
[98] السيد عبد العزيز سالم ، العصر العباسي الأول ، مؤسسة شباب الجامعة ، الإسكندرية ، 2010م، ص23 .
[99] أبو العلا، مظاهر الحياة السياسية  في عصر الدولة العباسية ، ص60 .
[100] ابن الأثير ، الكامل ، م5 ص 143-144، أبو العلا ، مظاهر الحياة السياسية  في عصرالدولة العباسية ، ص 61 . 
[101] ابن الأثير ، الكامل ، م5 ص100 .
[102] الطبري، تاريخ الطبري ، ج7 ص 294- 295 ، ابن الأثير ، الكامل ، م5 ص 308 .
[103]  الطبري ، تاريخ الطبري ، ج7 ص 329 ، ابن الأثير ، الكامل ، م5 ص340 . 
[104] فاروق عمر فوزي ، اجتماع الهاشميين في الأبواء 127هـ / 747م ، ماذا دار في الاجتماع عند المسلمين ، ط1 ، مركز زايد للتراث والتاريخ  ، العين ، الإمارات  العربية المتحدة ، 2007م ، ص53،  أبو العلا ، مظاهر الحياة السياسية في عصر الدولة العباسية ، ص64 .
[105] الطبري، تاريخ الطبري، ج7 ص344 .
[106] الطبري، تاريخ الطبري، ج7 ص360 361 .
[107]  الطبري ، تاريخ الطبري، ج7 ص 198 – 199 .
[108] الطبري، تاريخ الطبري، ج7 ص 344، ابن الساعي، تاريخ الخلفاء العباسيين ، ص5 .
[109] الطبري، تاريخ الطبري، ج7 ص362 ، أبو العلا، مظاهر الحياة السياسية في عصر الدولة العباسية ، 68 .
[110] الطبري، تاريخ الطبري، ج7 ص362 .
[111] الدينوري، الأخبار الطوال ، ص340 .
[112] أبو العلا، مظاهر الحياة السياسية في عسر الدولة العباسية ، ص68 .
[113] الدوري ، العصر العباسي الأول ، ص24 ، أبو العلا، مظاهر الحياة السياسية في عصر الدولة العباسية ، ص 69 .
[114] أبو العلا ، مظاهر الحياة السياسية في عسر الدولة العباسية ، ص69 .
[115] الطبري، تاريخ الطبري، ج7 ص 355.
[116] الدينوري، الأخبار الطوال ، ج2 ص355- 356 ، أبو العلا ، مظاهر الحياة السياسية في عسر الدولة العباسية ، ص70 .
[117] الطبري، تاريخ الطبري ، ج7 ص 355 356.
[118] اليعقوبي ، تاريخ اليعقوبي ، م2 ص354 .
[119] اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، م2 ص341 .
[120] الدوري، العصر العباسي الأول، ص30 .
[121][121] الطبري، تاريخ الطبري، ج7 ص404-409 .
[122] مجهول ، أخبار العباس وولده ، ص160 ، فوزي، الخلافة العباسية ، ج1 ص23 .
[123] الطبري، تاريخ الطبري، ج7 ص 422.
[124] اليعقوبي ، تاريخ اليعقوبي ، م2 ص 341-342 ، الطبري، تاريخ الطبري ، ج7  ص 422 – 433 .
[125]  الطبري، تاريخ الطبري، ج7 ص410 -417 ، الدوري العصر العباسي الأول ، ص30-31 .
[126] فوزي ، الخلافة العباسية ، ج1 ص 23-24 ، أبو العلا ، مظاهر الحياة السياسية  في عصر الدولة العباسية، ص75.
[127] الدوري، العصر العباسي الأول ، ص54 .
[128] المسعودي، مروج الذهب ، م2 ص235-236 .
[129] الجهشياري ، الوزراء والكتاب ، تحقيق مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ شلبي ، ط2 ، القاهرة ، 1980م ، ص84
[130] الطبري، تاريخ الطبري، ج7 ص 425 .
[131] اليعقوبي ، تاريخ اليعقوبي ، م2 ص345 ، أبو العلا ، مظاهر الحياة السياسة  في عصر  الدولة العباسية، ص75 .
[132] الطبري ، تاريخ الطبري ، ج7 ص 423 ، المسعودي ، مروج الذهب ، م2 ص 235 .
[133] أبو العلا ، مظاهر الحياة السياسة  في عصرالدولة العباسية، ص76 .
[134] اليعقوبي ، تاريخ اليعقوبي ، م2 ص349 ، المسعودي ، مروج الذهب ، م2 ص 236-237 .
[135] اليعقوبي ، تاريخ اليعقوبي ، م2 ص 345 ، 349 – 350 ، الطبري ، تاريخ الطبري ، ج7 ص 424 .

[136]  ابن القاسم الأزدي ، تاريخ الموصل ، تحقيق د. علي حبيبة ، لجنة إحياء التراث ، القاهرة ، 1967م ، ص 115 ، أبو العلا ، مظاهر الحياة السياسة  في عصر  الدولة العباسية، ص77 .

No comments:

Post a Comment

عطايا ومنح الأمراء والخلفاء الأمويين بالأندلس للمغنين بقلم: د. نورهان إبراهيم سلامة

  كان الأمويون شغوفين بالغناء والموسيقى وكان منهم إما من المشاركين فيه أو ممن كانوا يشجعون مثل هذا الفن والمغنين والموسيقيين ، فكانوا يغدقون...